الفيديوهات
الشيخ نبيل العوضي ~ قصة الإسراء والمعراج ~ رائعـه
https://www.youtube.com/watch?v=QJHm9g0ehuM
دلائل وشمائل - رحلة الاسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=yKxaS2jyGDc
الإسراء والمعراج (روائع السيرة) ۩ د.عائض القرني ۩
https://www.youtube.com/watch?v=zEmzFmIp134
عائض القرني " " رحلة الإسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=Qw5Xi5N7jhA
تفسير قول سيدنا محمد بعد عودته من الاسراء والمعراج لقد اطلعت على علوم الاولين والاخرين
https://www.youtube.com/watch?v=gbuDdHG_YKw&ebc=ANyPxKqHqq1oOl-2ltkYAYgfzbXOG3xviRSRAOM0g1HcmGUzqmB4bT2jAV4QsDTFfxBxRnRUsYJz9eLPh3vDXcRFSRsND6QHrw
شعراوي عبر قصة الإسراء وتفسير سورة الإسراء من 1 إلى 4 CHAARAOUI AL ISRA
https://www.youtube.com/watch?v=CFbN93QH0KM
خواطر الشيخ الشعراوي حول معجزة الإسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=9N3ZynC0ACA
الشيخ عبد الحميد كشك الإسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=smbLf9rlRmo
الشيخ محمد حسان - صعود النبي للسماوات
https://www.youtube.com/watch?v=ZCg1kShaHUY
حديث عن رحلة الإسراء و المعراج - الشيخ (أيمن صيدح)
https://www.youtube.com/watch?v=m_BxmAwanII
رحلة المعراج بالتفصيل للشيخ محمود المصري
https://www.youtube.com/watch?v=PuTRiBnRpdw
https://www.youtube.com/watch?v=QJHm9g0ehuM
دلائل وشمائل - رحلة الاسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=yKxaS2jyGDc
الإسراء والمعراج (روائع السيرة) ۩ د.عائض القرني ۩
https://www.youtube.com/watch?v=zEmzFmIp134
عائض القرني " " رحلة الإسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=Qw5Xi5N7jhA
تفسير قول سيدنا محمد بعد عودته من الاسراء والمعراج لقد اطلعت على علوم الاولين والاخرين
https://www.youtube.com/watch?v=gbuDdHG_YKw&ebc=ANyPxKqHqq1oOl-2ltkYAYgfzbXOG3xviRSRAOM0g1HcmGUzqmB4bT2jAV4QsDTFfxBxRnRUsYJz9eLPh3vDXcRFSRsND6QHrw
شعراوي عبر قصة الإسراء وتفسير سورة الإسراء من 1 إلى 4 CHAARAOUI AL ISRA
https://www.youtube.com/watch?v=CFbN93QH0KM
خواطر الشيخ الشعراوي حول معجزة الإسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=9N3ZynC0ACA
الشيخ عبد الحميد كشك الإسراء والمعراج
https://www.youtube.com/watch?v=smbLf9rlRmo
الشيخ محمد حسان - صعود النبي للسماوات
https://www.youtube.com/watch?v=ZCg1kShaHUY
حديث عن رحلة الإسراء و المعراج - الشيخ (أيمن صيدح)
https://www.youtube.com/watch?v=m_BxmAwanII
رحلة المعراج بالتفصيل للشيخ محمود المصري
https://www.youtube.com/watch?v=PuTRiBnRpdw
الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج في العقيدة الإسلامية حادثة جرت في منتصف فترة الرسالة الإسلامية ما بين السنة الحادية عشر إلى السنة الثانية عشر منذ أعلن النبي محمد أن الله قد أرسل جبريل يكلفه برسالة دينية يبلغها إلى قبيلته قريش ومن ثم إلى البشرية وأنها تتمة وخاتمة لرسالات السماء السابقة، وحسب التاريخ الإسلامي للفترة هذه والمصطلح على تسميته السيرة النبوية يعد الإسراء الرحلة التي قام بها النبي محمد على البراق مع جبريل ليلا من بلده مكة إلى بيت المقدس في فلسطين، وهي رحلة استهجنت قبيلة قريش حدوثها لدرجة أن بعضهم صار يصفق ويصفر مستهزئاً ولكن النبي محمد على تأكيدها وأنه انتقل بعد من القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل أو حسب التعبير الإسلامي عرج به إلى الملآ الأعلى عند سدرة المنتهى أي إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليه في السماء وعاد بعد ذلك في نفس الليلة. ورد في سورة الإسراء ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)﴾
ويؤكد علماء المسلمين أن هذه الرحلة تمت بالروح والجسد معاً وإلا لما حصل لها الإنكار المبالغ فيه من قبيلة قريش، وأن هذه الرحلة تجاوزت حدود الزمان والمكان.
قال ابن إسحاق : كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه، عن عبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري ،وعائشة زوج النبي، ومعاوية بن أبي سفيان، والحسن بن أبي الحسن البصري، وابن شهاب الزهري، وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أُسري به، وكان في مسراه، وما ذكر عنه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق، وكان من أمر الله سبحانه والله على يقين، فأسرى به سبحانه والله كيف شاء، ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد .
· رواية عبد الله بن مسعود عن الإسراء
فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول :
أُتي رسول الله ) بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في منتهى طرفها - فحُمل عليها، ثم خرج به صاحبه، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض، حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمُعوا له، فصلى بهم . ثم أُتي بثلاثة آنية، إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء . قال : فقال رسول الله () : فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي : إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته . قال : فأخذت إناء اللبن، فشربت منه، فقال لي جبريل : هُديت وهديت أمتك يا محمد .
· رواية الحسن عن مسراه
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله : بينا أنا نائم في الحجر، إذ جاءني جبريل، فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه، فجلست ولم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض، بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته . [بحاجة لمصدر]
· رواية قتادة عن مسراه
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن قتادة أنه قال : حُدثت أن رسول الله قال : لما دنوت منه لأركبه شَـمَس، فوضع جبريل يده على مَعرفته، ثم قال : ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه . قال : فاستحيا حتى ارفضّ عرقا، ثم قر حتى ركبته . [بحاجة لمصدر]
تفسير كلمة البراق في الروايات الإسلامية:
هو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه.
· عودة إلى رواية الحسن
قال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله ، ومضى جبريل معه، حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمَّهم رسول الله فصلى بهم، ثم أُتي بإناءين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن .[بحاجة لمصدر] قال : فأخذ رسول الله إناء اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر . قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة، وهديت أمتك يا محمد، وحرمت عليكم الخمر . ثم انصرف رسول الله إلى مكة، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس : هذا والله الإمْر البين، والله إن العير لتطرد، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة، وشهرا مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة، ويرجع إلى مكة ! قال : فارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر، فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال : فقال لهم أبو بكر : إنكم تكذبون عليه ؛ فقالوا : بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ؛ فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يُعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله، فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال : نعم ؛ قال : يا نبي الله، فصفه لي، فإني قد جئته - قال الحسن : فقال رسول الله : فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله () يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال : صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى إذا انتهى، قال رسول الله لأبي بكر: وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله فيمن ارتد عن إسلامه لذلك: ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا(60) ) .
فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله. وما دخل فيه من حديث قتادة.
· وصفه لإبراهيم وموسى وعيسى
قال ابن إسحاق : وزعم الزهرى عن سعيد بن المسيب أن رسول الله وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة، فقال : أما إبراهيم، فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ وأما موسى، فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة ؛ وأما عيسى بن مريم، فرجل أحمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خِيلان الوجه، كأنه خرج من ديماس، تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء، أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي .
· رواية أم هانئ عن الإسراء
قال محمد بن إسحاق : وكان فيما بلغني عن أمر هانئ بنت أبي طالب ا، واسمها هند، في مسرى رسول الله ()، أنها كانت تقول : ما أُسري برسول الله () إلا وهو في بيتي، نام عندي تلك الليلة في بيتي، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبَّنا رسول الله () ؛ فلما صلى الصبح وصلينا معه، قال : يا أم هانئ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين، ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فتكشَّف عن بطنه كأنه قُبطية مطوية، فقلت له : يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك §ويؤذوك ؛ قال : والله لأحدثنهموه .
قالت : فقلت لجارية لي حبشية : ويحك اتبعي رسول الله () حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له . فلما خرج رسول الله إلى الناس أخبرهم، فعجبوا وقالوا : ما آية ذلك يا محمد ؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط ؛ قال : آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندَّ لهم بعير، فدللتهم عليه، وأنا موجَّه إلى الشام .
ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان ؛ وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء، ثنية التنعيم، يقدمها جمل أورق، عليه غرارتان، إحداهما سوداء، والآخرى برقاء . قالت : فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أولُ من الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه ماء . وسألوا الآخرين وهم بمكة، فقالوا : صدق والله، لقد أُنْفرنا في الوادي الذي ذكر، وندّ لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه، حتى أخذناه .«»
قصة المعراج
الرسول يصعد إلى السماء الأولى ( حديث الخدري عن المعراج)
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أُتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له : باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له : إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل بي، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير، وقاله .
· صفة مالك خازن النار :
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله، أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم ؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك، لضحك إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك صاحب النار .
· من صفات جهنم:
فقال رسول الله : فقلت لجبريل، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) : ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى، يا مالك، أرِ محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها، فقال : ففارت وارتفعت، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل، مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره، فقال لها : اخبي، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه . فما شبَّهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها .
· عرض الأرواح على آدم:
و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال : لما دخلت السماء الدنيا، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسّر به، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف، ويعبس بوجهه ويقول : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال : هذا أبوك آدم، تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها . وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفَّف منها وكرهها، وساءه ذلك، وقال : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
· صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل، في أيديهم قطع من نار كالأفهار، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
· صفة أكلة الربا
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون، يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا .
· صفة الزناة من بني آدم
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
· من نسبت ابنا لزوجها من غيره
قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهنّ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو، عن القاسم بن محمد أن رسول الله، قال : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فأكل حرائبهم، واطلع على عوراتهم .
تفاصيل صعود النبي في السموات
ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة : عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل فسألته : من هو ؟ قال : هذا إدريس - قال : يقول رسول الله : ورفعناه مكانا عاليا - قال : ثم أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية، عظيم العثنون، لم أر كهلا أجمل منه ؛ قال: قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبَّب في قومه هارون بن عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران . ثم أصعدني إلى السماء السابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة . لم أر رجلا أشبه بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة، فرأيت فيها جارية لعساء، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ؛ فقالت : لزيد بن حارثة، فبشَّر بها رسول الله زيد بن حارثة .
فرض الصلاة في الإسراء والمعراج
قال ابن إسحاق: ومن حديث عبد الله بن مسعود، عن النبي، فيما بلغني: أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السماوات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها: من هذا يا جبريل؟ فيقول: محمد ؛ فيقولون: أوقد بعث إليه؟ فيقول: نعم؛ فيقولون: حياه الله من أخ وصاحب! حتى انتهى به إلى السماء السابعة، ثم انتهى به إلى ربه، ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم. موسى بن عمران يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام سؤال ربه التخفيف عن أمته في أمر الصلاة قال: قال رسول الله: فأقبلت راجعا، فلما مررت بموسى بن عمران، ونعم الصاحب كان لكم، سألني كم فُرض عليك من الصلاة؟ فقلت: خمسين صلاة كل يوم؛ فقال: إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة، فارجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك؛ فرجعت فسألت ربي، أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي، فوضع عني عشرا . ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك، كلما رجعت إليه، قال : فارجع فاسأل ربك، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة. ثم رجعت إلى موسى، فقال لي مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربي وسألته، حتى استحييت منه، فما أنا بفاعل .
الروايات المتعددة الواردة في الاسراء والمعراج
تعددت روايات الاسراء والمعراج في السيرة والأحاديث؛ إذ جاء في كتب السيرة وكتب السُّنَنِ أنه ليس هناك حديث واحد يجمع ما ورد من أحداث خلال هذه الرحلة المباركة، وإنما هناك أحاديث كلٌّ منها يُشِير إلى جزء أو جانب، وقد أورد الحافظ اليبوطي أن الإسراء ورد مطوَّلاً ومختصرًا من حديث أنس وأُبَيِّ بن كعب، وبُرَيْدَة، وجابر بن عبد الله، وحذيفة بن اليمان، وسَمُرة بن جُنْدُب، وسهل بن سعد، وشدَّاد بن أوس، وصُهَيب، وابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن مسعود، وعبد الله بن أسعد بن زرارة، وعبد الرحمن بن قُرْط، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، ومالك بن صعصعة، وأبي أُمَامَة، وأبي أيُّوب، وأبي حبَّة، وأبي الحمراء، وأبي ذَرٍّ، وأبي سعيد الخدري، وأبي سفيان بن حرب، وأبي ليلى الأنصاري، وأبي هريرة، وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر، وأم هانئ، وامسلمة. وقد عدَّ الإمام القسطلاني في المواهب اللدنِّيَّة ستَّة وعشرين صحابيًّا وصحابيَّة رَوَوْا حديث الإسراء والمعراج؛ لذا فهو حديث متواتر مع نصِّ القرآن عليه في سورتي الإسراء والنجم[1].
وإنا نكتفي هنا بما جاء في صحيح البخاري من روايات حول هذه الرحلة؛ فإتمامًا للرواية التي سقناها في شقِّ الصدر، يُتابِع أنسُ بن مالكٍ عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما أنَّ نبيَّ الله حدَّثهم عن ليلةَ أُسْرِيَ به: ".. ثُمَّ أُوتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ" -فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ- فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. ففُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. ففُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا. فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى. وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ، فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ؛ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ. قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي"[2].
وعن أنس بن مالكٍ، قال: كان أبو ذَرٍّ يحدِّث أنَّ رسول الله قال: "فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِي مُحَمَّدٌ. فَقَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ. وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ فَفَتَحَ".
قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ- وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ.
قَالَ أَنَسٌ: "فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ".
وكان ابن عباس وأبو حَبَّة الأنصاري، يقولان: قال النَّبيُّ: "ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ".
قال أنس بن مالك: قال النَّبيُّ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهْيَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ"[3].
هذا، وقد أورد الإمام مسلم عشرين رواية عن الإسراء برسول الله ، أغلبها تدور حول ما ذكرناه من روايتي البخاري، ولا نُطيل الحديث بتكرارها مرَّة أخرى، وعنها جميعًا يقول ابن كثير: "وإذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها، يحصل مضمون ما اتَّفقتْ عليه من مسرى رسول الله من مكة إلى بيت المقدس، وأنه مرَّة واحدة، وإن اختلفت عبارات الرواة في أدائه، أو زاد بعضهم فيه أو نقص منه، فإن الخطأ جائز على مَنْ عدا الأنبياء عليهم السلام. ومن جعل من الناس كلَّ رواية خالفت الأخرى مرَّة على حِدَة، فأثبتَ إسراءات متعدِّدة فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب ولم يحصل على مطلب، وقد صرَّح بعضهم من المتأخِّرين بأنه أُسْرِيَ به مرَّة من مكة إلى بيت المقدس فقط، ومرَّة من مكة إلى السماء فقط، ومرَّة إلى بيت المقدس ومنه إلى السماء. وفرح بهذا المسلك، وأنه قد ظفر بشيء يخلص به من الإشكالات، وهذا بعيد جدًّا، ولم يُنْقَل هذا عن أحدٍ من السلف، ولو تعدَّد هذا التعدُّد لأَخْبَر النبي به أُمَّتَه، ولنقلته الناس على التعدُّد والتكرر"[4].
قال: "والحقُّ أنه أُسْرِيَ به يقظة لا منامًا من مكة إلى بيت المقدس راكبًا البراق، فلمَّا انتهى إلى باب المسجد ربط الدابَّة عند الباب، ودخله فصلى في قبلته تحيَّة المسجد ركعتين، ثم أتى المعراج وهو كالسُّلَّم ذو درج يرقى فيها، فصَعِدَ فيه إلى السماء الدنيا، ثم إلى بقيَّة السموات السبع، فتلقَّاه مِن كلِّ سماء مقرَّبُوها، وسلَّم عليه الأنبياء عليهم السلام الذين في السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم، حتى مرَّ بموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة، ثم جاوز منزلتهما وعليهما وعلى سائر الأنبياء، حتى انتهى إلى مستوًى يسمع فيه صريف الأقلام -أي: أقلام القدر- بما هو كائن، ورأى سدرة المنتهى، ورأى هنالك جبريل على صورته، ورأى البيت المعمور، وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضيَّة مسندًا ظهره إليه، ورأى الجنَّة والنار، وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين، ثم خفَّفها إلى خمس؛ رحمة منه ولطفًا بعباده، ثم هبط إلى بيت المقدس وصلى بالأنبياء هناك، ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد إلى مكة بغلس"[5].
هذا، وإن المشاهدَ الغريبة التي رآها النبي دليلٌ من معجزات الله تعالى لنبيِّه ومصطفاه؛ فالعقل البشري القاصر عن الوعي الشمولي للأشياء لَيستغرب مِنْ هذه المواقف المعراجيَّة الصادقة، لكن الله تعالى يَعْلَمُ حقيقة خلقه، يَعْلَمُ أنَّ الإنسان جاحد إلاَّ بدليل وبرهان، والإسراء والمعراج من أعظم المعجزات التي حدثت للنبي ؛ لِيَعْلَم الناسُ كافَّة أنَّ محمدًا نبيٌّ مُرْسَل للناس جميعًا من قِبَلِ الله تعالى، وما رآه رسول الله ما هو إلاَّ عِلْمٌ واجب على الأمة استيعابه وفهمه، وعليهم أن يبتعدوا عن كل شرٍّ أُرِيدَ بهم، أو أرادوه لأنفسهم، من خلال ما أوضحه الله لنبيه من مشاهد قويَّة تجعل الإنسان حذرًا من نفسه السيِّئة، وحذرًا من إبليس، ومن شهوات الدنيا المهلكة، وهي محذورات أرادنا الله تعالى أن نبتعد عنها من خلال عواقبها التي ذُكِرَتْ في الحديث السابق وغيره.
[1] سعيد حوَّى: الرسول ص330.
[2] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج (3674).
[3] البخاري: كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء (342)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله إلى السموات وفرض الصلوات (163).
[4] تفسير ابن كثير 5/42.
[5] المصدر السابق 5/42، 43.
الإسراء والمعراج في العقيدة الإسلامية حادثة جرت في منتصف فترة الرسالة الإسلامية ما بين السنة الحادية عشر إلى السنة الثانية عشر منذ أعلن النبي محمد أن الله قد أرسل جبريل يكلفه برسالة دينية يبلغها إلى قبيلته قريش ومن ثم إلى البشرية وأنها تتمة وخاتمة لرسالات السماء السابقة، وحسب التاريخ الإسلامي للفترة هذه والمصطلح على تسميته السيرة النبوية يعد الإسراء الرحلة التي قام بها النبي محمد على البراق مع جبريل ليلا من بلده مكة إلى بيت المقدس في فلسطين، وهي رحلة استهجنت قبيلة قريش حدوثها لدرجة أن بعضهم صار يصفق ويصفر مستهزئاً ولكن النبي محمد على تأكيدها وأنه انتقل بعد من القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل أو حسب التعبير الإسلامي عرج به إلى الملآ الأعلى عند سدرة المنتهى أي إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليه في السماء وعاد بعد ذلك في نفس الليلة. ورد في سورة الإسراء ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)﴾
ويؤكد علماء المسلمين أن هذه الرحلة تمت بالروح والجسد معاً وإلا لما حصل لها الإنكار المبالغ فيه من قبيلة قريش، وأن هذه الرحلة تجاوزت حدود الزمان والمكان.
قال ابن إسحاق : كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه، عن عبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري ،وعائشة زوج النبي، ومعاوية بن أبي سفيان، والحسن بن أبي الحسن البصري، وابن شهاب الزهري، وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أُسري به، وكان في مسراه، وما ذكر عنه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق، وكان من أمر الله سبحانه والله على يقين، فأسرى به سبحانه والله كيف شاء، ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد .
· رواية عبد الله بن مسعود عن الإسراء
فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول :
أُتي رسول الله ) بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في منتهى طرفها - فحُمل عليها، ثم خرج به صاحبه، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض، حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمُعوا له، فصلى بهم . ثم أُتي بثلاثة آنية، إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء . قال : فقال رسول الله () : فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي : إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته . قال : فأخذت إناء اللبن، فشربت منه، فقال لي جبريل : هُديت وهديت أمتك يا محمد .
· رواية الحسن عن مسراه
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله : بينا أنا نائم في الحجر، إذ جاءني جبريل، فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه، فجلست ولم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض، بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته . [بحاجة لمصدر]
· رواية قتادة عن مسراه
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن قتادة أنه قال : حُدثت أن رسول الله قال : لما دنوت منه لأركبه شَـمَس، فوضع جبريل يده على مَعرفته، ثم قال : ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه . قال : فاستحيا حتى ارفضّ عرقا، ثم قر حتى ركبته . [بحاجة لمصدر]
تفسير كلمة البراق في الروايات الإسلامية:
هو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه.
· عودة إلى رواية الحسن
قال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله ، ومضى جبريل معه، حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمَّهم رسول الله فصلى بهم، ثم أُتي بإناءين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن .[بحاجة لمصدر] قال : فأخذ رسول الله إناء اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر . قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة، وهديت أمتك يا محمد، وحرمت عليكم الخمر . ثم انصرف رسول الله إلى مكة، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس : هذا والله الإمْر البين، والله إن العير لتطرد، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة، وشهرا مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة، ويرجع إلى مكة ! قال : فارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر، فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال : فقال لهم أبو بكر : إنكم تكذبون عليه ؛ فقالوا : بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ؛ فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يُعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله، فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال : نعم ؛ قال : يا نبي الله، فصفه لي، فإني قد جئته - قال الحسن : فقال رسول الله : فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله () يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال : صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى إذا انتهى، قال رسول الله لأبي بكر: وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله فيمن ارتد عن إسلامه لذلك: ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا(60) ) .
فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله. وما دخل فيه من حديث قتادة.
· وصفه لإبراهيم وموسى وعيسى
قال ابن إسحاق : وزعم الزهرى عن سعيد بن المسيب أن رسول الله وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة، فقال : أما إبراهيم، فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ وأما موسى، فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة ؛ وأما عيسى بن مريم، فرجل أحمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خِيلان الوجه، كأنه خرج من ديماس، تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء، أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي .
· رواية أم هانئ عن الإسراء
قال محمد بن إسحاق : وكان فيما بلغني عن أمر هانئ بنت أبي طالب ا، واسمها هند، في مسرى رسول الله ()، أنها كانت تقول : ما أُسري برسول الله () إلا وهو في بيتي، نام عندي تلك الليلة في بيتي، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبَّنا رسول الله () ؛ فلما صلى الصبح وصلينا معه، قال : يا أم هانئ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين، ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فتكشَّف عن بطنه كأنه قُبطية مطوية، فقلت له : يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك §ويؤذوك ؛ قال : والله لأحدثنهموه .
قالت : فقلت لجارية لي حبشية : ويحك اتبعي رسول الله () حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له . فلما خرج رسول الله إلى الناس أخبرهم، فعجبوا وقالوا : ما آية ذلك يا محمد ؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط ؛ قال : آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندَّ لهم بعير، فدللتهم عليه، وأنا موجَّه إلى الشام .
ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان ؛ وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء، ثنية التنعيم، يقدمها جمل أورق، عليه غرارتان، إحداهما سوداء، والآخرى برقاء . قالت : فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أولُ من الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه ماء . وسألوا الآخرين وهم بمكة، فقالوا : صدق والله، لقد أُنْفرنا في الوادي الذي ذكر، وندّ لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه، حتى أخذناه .«»
قصة المعراج
الرسول يصعد إلى السماء الأولى ( حديث الخدري عن المعراج)
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أُتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له : باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له : إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل بي، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير، وقاله .
· صفة مالك خازن النار :
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله، أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم ؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك، لضحك إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك صاحب النار .
· من صفات جهنم:
فقال رسول الله : فقلت لجبريل، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) : ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى، يا مالك، أرِ محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها، فقال : ففارت وارتفعت، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل، مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره، فقال لها : اخبي، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه . فما شبَّهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها .
· عرض الأرواح على آدم:
و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال : لما دخلت السماء الدنيا، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسّر به، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف، ويعبس بوجهه ويقول : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال : هذا أبوك آدم، تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها . وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفَّف منها وكرهها، وساءه ذلك، وقال : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
· صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل، في أيديهم قطع من نار كالأفهار، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
· صفة أكلة الربا
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون، يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا .
· صفة الزناة من بني آدم
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
· من نسبت ابنا لزوجها من غيره
قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهنّ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو، عن القاسم بن محمد أن رسول الله، قال : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فأكل حرائبهم، واطلع على عوراتهم .
تفاصيل صعود النبي في السموات
ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة : عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل فسألته : من هو ؟ قال : هذا إدريس - قال : يقول رسول الله : ورفعناه مكانا عاليا - قال : ثم أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية، عظيم العثنون، لم أر كهلا أجمل منه ؛ قال: قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبَّب في قومه هارون بن عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران . ثم أصعدني إلى السماء السابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة . لم أر رجلا أشبه بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة، فرأيت فيها جارية لعساء، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ؛ فقالت : لزيد بن حارثة، فبشَّر بها رسول الله زيد بن حارثة .
فرض الصلاة في الإسراء والمعراج
قال ابن إسحاق: ومن حديث عبد الله بن مسعود، عن النبي، فيما بلغني: أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السماوات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها: من هذا يا جبريل؟ فيقول: محمد ؛ فيقولون: أوقد بعث إليه؟ فيقول: نعم؛ فيقولون: حياه الله من أخ وصاحب! حتى انتهى به إلى السماء السابعة، ثم انتهى به إلى ربه، ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم. موسى بن عمران يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام سؤال ربه التخفيف عن أمته في أمر الصلاة قال: قال رسول الله: فأقبلت راجعا، فلما مررت بموسى بن عمران، ونعم الصاحب كان لكم، سألني كم فُرض عليك من الصلاة؟ فقلت: خمسين صلاة كل يوم؛ فقال: إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة، فارجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك؛ فرجعت فسألت ربي، أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي، فوضع عني عشرا . ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك، كلما رجعت إليه، قال : فارجع فاسأل ربك، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة. ثم رجعت إلى موسى، فقال لي مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربي وسألته، حتى استحييت منه، فما أنا بفاعل .
الروايات المتعددة الواردة في الاسراء والمعراج
تعددت روايات الاسراء والمعراج في السيرة والأحاديث؛ إذ جاء في كتب السيرة وكتب السُّنَنِ أنه ليس هناك حديث واحد يجمع ما ورد من أحداث خلال هذه الرحلة المباركة، وإنما هناك أحاديث كلٌّ منها يُشِير إلى جزء أو جانب، وقد أورد الحافظ اليبوطي أن الإسراء ورد مطوَّلاً ومختصرًا من حديث أنس وأُبَيِّ بن كعب، وبُرَيْدَة، وجابر بن عبد الله، وحذيفة بن اليمان، وسَمُرة بن جُنْدُب، وسهل بن سعد، وشدَّاد بن أوس، وصُهَيب، وابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن مسعود، وعبد الله بن أسعد بن زرارة، وعبد الرحمن بن قُرْط، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، ومالك بن صعصعة، وأبي أُمَامَة، وأبي أيُّوب، وأبي حبَّة، وأبي الحمراء، وأبي ذَرٍّ، وأبي سعيد الخدري، وأبي سفيان بن حرب، وأبي ليلى الأنصاري، وأبي هريرة، وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر، وأم هانئ، وامسلمة. وقد عدَّ الإمام القسطلاني في المواهب اللدنِّيَّة ستَّة وعشرين صحابيًّا وصحابيَّة رَوَوْا حديث الإسراء والمعراج؛ لذا فهو حديث متواتر مع نصِّ القرآن عليه في سورتي الإسراء والنجم[1].
وإنا نكتفي هنا بما جاء في صحيح البخاري من روايات حول هذه الرحلة؛ فإتمامًا للرواية التي سقناها في شقِّ الصدر، يُتابِع أنسُ بن مالكٍ عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما أنَّ نبيَّ الله حدَّثهم عن ليلةَ أُسْرِيَ به: ".. ثُمَّ أُوتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ" -فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ- فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. ففُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. ففُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا. فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى. وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ، فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ؛ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ. قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي"[2].
وعن أنس بن مالكٍ، قال: كان أبو ذَرٍّ يحدِّث أنَّ رسول الله قال: "فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِي مُحَمَّدٌ. فَقَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ. وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ فَفَتَحَ".
قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ- وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ.
قَالَ أَنَسٌ: "فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ".
وكان ابن عباس وأبو حَبَّة الأنصاري، يقولان: قال النَّبيُّ: "ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ".
قال أنس بن مالك: قال النَّبيُّ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهْيَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ"[3].
هذا، وقد أورد الإمام مسلم عشرين رواية عن الإسراء برسول الله ، أغلبها تدور حول ما ذكرناه من روايتي البخاري، ولا نُطيل الحديث بتكرارها مرَّة أخرى، وعنها جميعًا يقول ابن كثير: "وإذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها، يحصل مضمون ما اتَّفقتْ عليه من مسرى رسول الله من مكة إلى بيت المقدس، وأنه مرَّة واحدة، وإن اختلفت عبارات الرواة في أدائه، أو زاد بعضهم فيه أو نقص منه، فإن الخطأ جائز على مَنْ عدا الأنبياء عليهم السلام. ومن جعل من الناس كلَّ رواية خالفت الأخرى مرَّة على حِدَة، فأثبتَ إسراءات متعدِّدة فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب ولم يحصل على مطلب، وقد صرَّح بعضهم من المتأخِّرين بأنه أُسْرِيَ به مرَّة من مكة إلى بيت المقدس فقط، ومرَّة من مكة إلى السماء فقط، ومرَّة إلى بيت المقدس ومنه إلى السماء. وفرح بهذا المسلك، وأنه قد ظفر بشيء يخلص به من الإشكالات، وهذا بعيد جدًّا، ولم يُنْقَل هذا عن أحدٍ من السلف، ولو تعدَّد هذا التعدُّد لأَخْبَر النبي به أُمَّتَه، ولنقلته الناس على التعدُّد والتكرر"[4].
قال: "والحقُّ أنه أُسْرِيَ به يقظة لا منامًا من مكة إلى بيت المقدس راكبًا البراق، فلمَّا انتهى إلى باب المسجد ربط الدابَّة عند الباب، ودخله فصلى في قبلته تحيَّة المسجد ركعتين، ثم أتى المعراج وهو كالسُّلَّم ذو درج يرقى فيها، فصَعِدَ فيه إلى السماء الدنيا، ثم إلى بقيَّة السموات السبع، فتلقَّاه مِن كلِّ سماء مقرَّبُوها، وسلَّم عليه الأنبياء عليهم السلام الذين في السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم، حتى مرَّ بموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة، ثم جاوز منزلتهما وعليهما وعلى سائر الأنبياء، حتى انتهى إلى مستوًى يسمع فيه صريف الأقلام -أي: أقلام القدر- بما هو كائن، ورأى سدرة المنتهى، ورأى هنالك جبريل على صورته، ورأى البيت المعمور، وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضيَّة مسندًا ظهره إليه، ورأى الجنَّة والنار، وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين، ثم خفَّفها إلى خمس؛ رحمة منه ولطفًا بعباده، ثم هبط إلى بيت المقدس وصلى بالأنبياء هناك، ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد إلى مكة بغلس"[5].
هذا، وإن المشاهدَ الغريبة التي رآها النبي دليلٌ من معجزات الله تعالى لنبيِّه ومصطفاه؛ فالعقل البشري القاصر عن الوعي الشمولي للأشياء لَيستغرب مِنْ هذه المواقف المعراجيَّة الصادقة، لكن الله تعالى يَعْلَمُ حقيقة خلقه، يَعْلَمُ أنَّ الإنسان جاحد إلاَّ بدليل وبرهان، والإسراء والمعراج من أعظم المعجزات التي حدثت للنبي ؛ لِيَعْلَم الناسُ كافَّة أنَّ محمدًا نبيٌّ مُرْسَل للناس جميعًا من قِبَلِ الله تعالى، وما رآه رسول الله ما هو إلاَّ عِلْمٌ واجب على الأمة استيعابه وفهمه، وعليهم أن يبتعدوا عن كل شرٍّ أُرِيدَ بهم، أو أرادوه لأنفسهم، من خلال ما أوضحه الله لنبيه من مشاهد قويَّة تجعل الإنسان حذرًا من نفسه السيِّئة، وحذرًا من إبليس، ومن شهوات الدنيا المهلكة، وهي محذورات أرادنا الله تعالى أن نبتعد عنها من خلال عواقبها التي ذُكِرَتْ في الحديث السابق وغيره.
[1] سعيد حوَّى: الرسول ص330.
[2] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج (3674).
[3] البخاري: كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء (342)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله إلى السموات وفرض الصلوات (163).
[4] تفسير ابن كثير 5/42.
[5] المصدر السابق 5/42، 43.