خامس الخلفاء الراشدين
الحسن بن علي رضي الله عنه
الحسن بن علي بن أبي طالب
الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي (624م - 670م) ، خامس الخلفاء الراشدين , ولد في النصف من شهر رمضان عام 3 هـ إستشهد سنة 50 هـ ودفن في البقيع. سبط رسول الله وحفيده وريحانته وسيد شباب أهل الجنة، كنيته أبو محمد، والإمام الثاني، ورابع أصحاب الكساء عند الشيعة. أبوه علي بن أبي طالب ابن عم رسول الإسلام رابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة وأول الأئمة عند الشيعة، أمه: فاطمة بنت النبي محمد بن عبد الله.
نسبه وعائلته
هو: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أحصى الذهبي للحسن تسع زوجات هن:
1. أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
2. خولة بنت منظور بن زَبّان بن سيار بن عمرو.
3. أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة.
4. جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي[2].
5. أم ولد تدعى بقيلة.
6. أم ولد تدعى ظمياء.
7. أم ولد تدعى صافية.
8. أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي.
9. زينب بنت سبيع بن عبد الله أخي جرير بن عبد الله البجلي.
أبناؤه
1. محمد بن الحسن بن علي (محمد الأكبر).
2. الحسن المثنى بن الحسن السبط.
3. جعفر بن الحسن بن علي.
4. حمزة بن الحسن بن علي.
5. فاطمة بنت الحسن بن علي.
6. محمد بن الحسن بن علي (محمد الأصغر).
7. زيد بن الحسن السبط.
8. أم الحسن بنت الحسن بن علي.
9. أم الخير بنت الحسن بن علي.
10. إسماعيل بن الحسن بن علي.
11. يعقوب بن الحسن بن علي.
12. القاسم بن الحسن بن علي.
13. عبد الله بن الحسن بن علي.
14. حسين بن الحسن بن علي (حسين الأثرم).
15. عبد الرحمن بن الحسن بن علي.
16. أم سلمة بنت الحسن بن علي.
17. أم عبد الله بن الحسن بن علي.
18. عبد الله بن الحسن بن علي (عبد الله الأصغر).
19. عمر بن الحسن بن علي.
20. أبو بكر بن الحسن بن علي.
سيرته
مع جده النبي
سبط النبي (ص)، وأوّل ولد لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء بنت الرسول (ص)، ولد في النّصف من شهر رمضان، في السّنة الثّالثة من الهجرة. قدم النبي محمد (ص) إلى بيت علي ليهنّئه، وسماه «الحسن».
إستلم الخلافة بعد والده لستة أشهر فقط، حيث عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان ليستلم الحكم. قيل أن أول من سماه هو رسول الله، وقد أذن في أذنه اليمنى، وأقام في يسراه.
أمضى الحسن السبط مع النبي (ص) زهاء سبع سنوات من حياته[3]، وكان يحبّه الجدّ حبّاً جمّاً، وكثيراً ما كان يحمله على كتفيه ويقول: « اللّهمَّ إنّي أُحبُّه فأحِبَّه »[4].
شارك في فتح شمال إفريقيا وطبرستان، ووقف مع أبيه في موقعة الجمل ووقعة صفين وحروبه ضد الخوارج.
فترة خلافته
استلم الحكم بعد والده، ستة أشهر، وقيل ثمانية، وكان أول من بايع الحسن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فقال: أبسط يدك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المخالفين، فقال الحسن: "على كتاب الله وسنة رسوله فإنهما ثابتان".
صلحه مع معاوية
كادت أن تندلع الحرب بين الحسن ومعاوية وأنصاره من الشام؛ فقد سار الجيشان حتى التقيا في موضع يقال له (مسكن) بناحية الأنبار؛ كان حريصًا على المسلمين وعدم تفرقهم، فتنازل عن الخلافة، لتكون الخلافة واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء. وقيل كان تسليم الحسن الأمر إِلى معاوية في ربيع الأول 41 هـ، وقيل في ربيع الآخر، وقيل في جمادى الأولى وقيل سنة 40 هـ؛ فلما تنازل عن الخلافة أصلح الله بذلك بين الفئتين كما أخبر بذلك رسول الله (ص) حين قال: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»[10]. وسمي العام الذي تنازل فيه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعام الجماعة. روى عن النبي (ص) أنه قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يعود ملكاً عضوضاً"، فكان آخر الثلاثين يوم انحرف الناس عن الحسن وبويع معاوية.
ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ، أن الحسن سلم الأمر إلى معاوية، لأنه لما راسله معاوية في تسليم الخلافة إليه خطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه وقال: "إنّا والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، وأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله عز وجل، بظُبي السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى". فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية!، وأمضى الصلُح[11].
وقال البخاري في كتاب الصلح: حدثنا عبد الله بن محمد ثنا سفيان عن أبي موسى قال: سمعت الحسن يقول: "استقبل والله الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان بكتائب أمثال الجبال"، فقال عمرو بن العاص: "إني لأرى كتائب لا تُولي حتى تقتل أقرانها"، فقال معاوية: "إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بضعفتهم؟ من لي بنسائهم"، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس هما عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، قال: "اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه"، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه[12].
شروط الصلح
ما يذكره المؤرخون في هذا الشأن هو صحيفة كتب عليها الحسن شروطه مقابل الصلح، ولم يذكر أي من المؤرخين كل ما كتبه عليها، إنما تعرضوا لبعض ما فيها، إلا أنه يمكن أن نصل إلى بعض هذه الشروط بتتبع المصادر والتوفيق فيما بينها، ويمكن تقسيم هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام:
الشروط المتعلقة بالحكم مثل:
· العمل بكتاب الله وسنة نبيه (ص).
· أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن ثم الحسين.
· أن لا يقضي بشيء دون مشورته
الشروط الأمنية والإجتماعية والدينية:
· أن لا يُشتم علي وهو يسمع، أو أن لا يذكره إلا بخير.
· أن لا يلاحق أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق مما كان في أيام أبيه.
· أن لا يناله بالإساءة.
الشروط المالية:
· أن لا يطالب أحداً مما أصاب أيام أبيه.
· أن يعطيه خراج داربجرد فارس.
· إعطاؤه ما في بيت مال الكوفة
صفاته وخصاله
شكله وهيئته
كان أشبه الناس بجده رسول الله (ص) في وجهه، فقد كان أبيضا مشربا بحمرة، فعن عقبة بن الحارث أن أبا بكر الصديق لقي الحسن بن علي فضمه إليه وقال: "بأبي شبيه بالنبي (ص) ليس شبيه علي" وعلي يضحك، وكان شديد الشبه بأبيه في هيئة جسمه حيث أنه لم يكن بالطويل ولا النحيف بل كان عريضا.
الكرم والعطاء
سمع رجلاً إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف إلى بيته وبعث إليه بعشرة آلاف درهم.
روي أنّ شاميا رأى الإمام راكباً فجعل يلعنه والحسن لا يردّ، فلمّا فرغ أقبل الحسن فسلّم عليه وضحك فقال: « أيّها الشّيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لانّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً ». فلمّا سمع الرّجل كلامه بكى، ثمّ قال: « أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته ».
لا تعاجل الذنب بالعقوبة واجعل بينهما للاعتذار طريقاً.
مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والترحم على الجار، ومعرفة الحق للصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء.
إستشهاده
إستشهد في 7 صفر سنة 50 هـ مغدوراً مسموماً , ودفن بالبقيع.[20][21].
كتب عن الحسن بن علي بن أبي طالب
أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير، 2، 10.
المراجع
1. ^ أسد الغابة, ج1, ص562.
2. ^ أسد الغابة, ج1, ص562.
3. ^ دلائل الإمامة للطبري، ص60
4. ^ تاريخ الخلفاء، ص188
5. ^ البحار، ج43، ص264
6. ^ تاريخ الخلفاء، ص189
7. ^ البحار، ج 43، ص278
8. ^ الطبقات الكبرى، ج1، ص33
9. ^ غاية المرام، ص287
10. ^ صحيح البخاري.
11. ^ الكامل في التاريخ لابن الأثير، المجلد الثالث، صفحة 406، طبعة بيروت، 1385 هـ، 1965م.
12. ^ صحيح البخاري، كتاب الصلح.
13. ^ القرآن الكريم، سورة النساء الآية 86.
14. ^ (أعيان الشيعة 4 ق1/107).
15. ^ الحسن بن علي, عبد القادر أحمد اليوسف, 60).
16. ^ مطالب السؤول, 69.
17. ^ كشف الغمة, 170.
18. ^ تحف العقول, 169.
19. ^ الخصال, 29.
20. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير، أحداث سنة تسع وأربعين.
21. ^ مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصبهاني، ص20.
الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي (624م - 670م) ، خامس الخلفاء الراشدين , ولد في النصف من شهر رمضان عام 3 هـ إستشهد سنة 50 هـ ودفن في البقيع. سبط رسول الله وحفيده وريحانته وسيد شباب أهل الجنة، كنيته أبو محمد، والإمام الثاني، ورابع أصحاب الكساء عند الشيعة. أبوه علي بن أبي طالب ابن عم رسول الإسلام رابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة وأول الأئمة عند الشيعة، أمه: فاطمة بنت النبي محمد بن عبد الله.
نسبه وعائلته
هو: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
- أمه: فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أحصى الذهبي للحسن تسع زوجات هن:
1. أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
2. خولة بنت منظور بن زَبّان بن سيار بن عمرو.
3. أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة.
4. جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي[2].
5. أم ولد تدعى بقيلة.
6. أم ولد تدعى ظمياء.
7. أم ولد تدعى صافية.
8. أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي.
9. زينب بنت سبيع بن عبد الله أخي جرير بن عبد الله البجلي.
أبناؤه
1. محمد بن الحسن بن علي (محمد الأكبر).
2. الحسن المثنى بن الحسن السبط.
3. جعفر بن الحسن بن علي.
4. حمزة بن الحسن بن علي.
5. فاطمة بنت الحسن بن علي.
6. محمد بن الحسن بن علي (محمد الأصغر).
7. زيد بن الحسن السبط.
8. أم الحسن بنت الحسن بن علي.
9. أم الخير بنت الحسن بن علي.
10. إسماعيل بن الحسن بن علي.
11. يعقوب بن الحسن بن علي.
12. القاسم بن الحسن بن علي.
13. عبد الله بن الحسن بن علي.
14. حسين بن الحسن بن علي (حسين الأثرم).
15. عبد الرحمن بن الحسن بن علي.
16. أم سلمة بنت الحسن بن علي.
17. أم عبد الله بن الحسن بن علي.
18. عبد الله بن الحسن بن علي (عبد الله الأصغر).
19. عمر بن الحسن بن علي.
20. أبو بكر بن الحسن بن علي.
سيرته
مع جده النبي
سبط النبي (ص)، وأوّل ولد لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء بنت الرسول (ص)، ولد في النّصف من شهر رمضان، في السّنة الثّالثة من الهجرة. قدم النبي محمد (ص) إلى بيت علي ليهنّئه، وسماه «الحسن».
إستلم الخلافة بعد والده لستة أشهر فقط، حيث عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان ليستلم الحكم. قيل أن أول من سماه هو رسول الله، وقد أذن في أذنه اليمنى، وأقام في يسراه.
أمضى الحسن السبط مع النبي (ص) زهاء سبع سنوات من حياته[3]، وكان يحبّه الجدّ حبّاً جمّاً، وكثيراً ما كان يحمله على كتفيه ويقول: « اللّهمَّ إنّي أُحبُّه فأحِبَّه »[4].
- ويقول: « من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني »[5].
- ويقول أيضاً: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة »[6].
- ويقول أيضاً عنهما: « إبناي هذان إمامان، قاما أو قعدا »[7].
- ولما يملكه الإمام الحسن من سمو في التفكير، وشموخ روح، كان النبي (ص) يتّخذه شاهداً على بعض عهوده، بالرّغم من صغر سنّه، وذكر الواقدي: أنّ النبي (ص) عقد عهداً مع ثقيف، كتبه خالد بن سعيد، وشهد عليه الحسن والحسين[8][9].
شارك في فتح شمال إفريقيا وطبرستان، ووقف مع أبيه في موقعة الجمل ووقعة صفين وحروبه ضد الخوارج.
فترة خلافته
استلم الحكم بعد والده، ستة أشهر، وقيل ثمانية، وكان أول من بايع الحسن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فقال: أبسط يدك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المخالفين، فقال الحسن: "على كتاب الله وسنة رسوله فإنهما ثابتان".
صلحه مع معاوية
كادت أن تندلع الحرب بين الحسن ومعاوية وأنصاره من الشام؛ فقد سار الجيشان حتى التقيا في موضع يقال له (مسكن) بناحية الأنبار؛ كان حريصًا على المسلمين وعدم تفرقهم، فتنازل عن الخلافة، لتكون الخلافة واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء. وقيل كان تسليم الحسن الأمر إِلى معاوية في ربيع الأول 41 هـ، وقيل في ربيع الآخر، وقيل في جمادى الأولى وقيل سنة 40 هـ؛ فلما تنازل عن الخلافة أصلح الله بذلك بين الفئتين كما أخبر بذلك رسول الله (ص) حين قال: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»[10]. وسمي العام الذي تنازل فيه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعام الجماعة. روى عن النبي (ص) أنه قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يعود ملكاً عضوضاً"، فكان آخر الثلاثين يوم انحرف الناس عن الحسن وبويع معاوية.
ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ، أن الحسن سلم الأمر إلى معاوية، لأنه لما راسله معاوية في تسليم الخلافة إليه خطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه وقال: "إنّا والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، وأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله عز وجل، بظُبي السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى". فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية!، وأمضى الصلُح[11].
وقال البخاري في كتاب الصلح: حدثنا عبد الله بن محمد ثنا سفيان عن أبي موسى قال: سمعت الحسن يقول: "استقبل والله الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان بكتائب أمثال الجبال"، فقال عمرو بن العاص: "إني لأرى كتائب لا تُولي حتى تقتل أقرانها"، فقال معاوية: "إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بضعفتهم؟ من لي بنسائهم"، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس هما عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، قال: "اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه"، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه[12].
شروط الصلح
ما يذكره المؤرخون في هذا الشأن هو صحيفة كتب عليها الحسن شروطه مقابل الصلح، ولم يذكر أي من المؤرخين كل ما كتبه عليها، إنما تعرضوا لبعض ما فيها، إلا أنه يمكن أن نصل إلى بعض هذه الشروط بتتبع المصادر والتوفيق فيما بينها، ويمكن تقسيم هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام:
الشروط المتعلقة بالحكم مثل:
· العمل بكتاب الله وسنة نبيه (ص).
· أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن ثم الحسين.
· أن لا يقضي بشيء دون مشورته
الشروط الأمنية والإجتماعية والدينية:
· أن لا يُشتم علي وهو يسمع، أو أن لا يذكره إلا بخير.
· أن لا يلاحق أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق مما كان في أيام أبيه.
· أن لا يناله بالإساءة.
الشروط المالية:
· أن لا يطالب أحداً مما أصاب أيام أبيه.
· أن يعطيه خراج داربجرد فارس.
· إعطاؤه ما في بيت مال الكوفة
صفاته وخصاله
شكله وهيئته
كان أشبه الناس بجده رسول الله (ص) في وجهه، فقد كان أبيضا مشربا بحمرة، فعن عقبة بن الحارث أن أبا بكر الصديق لقي الحسن بن علي فضمه إليه وقال: "بأبي شبيه بالنبي (ص) ليس شبيه علي" وعلي يضحك، وكان شديد الشبه بأبيه في هيئة جسمه حيث أنه لم يكن بالطويل ولا النحيف بل كان عريضا.
الكرم والعطاء
سمع رجلاً إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف إلى بيته وبعث إليه بعشرة آلاف درهم.
- وحيّت جارية للحسن بطاقة ريحان، فقال لها: « أنت حرّة لوجه الله » فقيل له في ذلك، فقال: « أدّبنا الله فقال: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [13] وما وجدت أحسن من إعتاقها ».
- وقد قسّم كلّ ما يملكه نصفين، ثلاث مرّات في حياته، وحتّى نعله، ثمّ وزّعه في سبيل الله كما يقول عنه الرّاوي مخاطباً إياه « وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النّعل والنّعل ».
- ويذكر أنه في أحد الأيام دخل فقير المسجد يسأل الناس فأرشده رجل إلى الرجال الذين كانوا في ذلك الجانب من المسجد ليسألهم، وحين توجه إليهم فإذا بهم هم الحسن والحسين، وعبد الله بن جعفر. فأعطاه الحسن 50 درهما، وأعطاه الحسين 49 درهما، وأعطاه عبد الله بن جعفر 48 درهما.
- وكان من ألقابه الزكي، المجتبى, كريم أهل البيت, ريحانة رسول الله (ص).
روي أنّ شاميا رأى الإمام راكباً فجعل يلعنه والحسن لا يردّ، فلمّا فرغ أقبل الحسن فسلّم عليه وضحك فقال: « أيّها الشّيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لانّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً ». فلمّا سمع الرّجل كلامه بكى، ثمّ قال: « أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته ».
- لمّا مات الحسن، بكى مروان بن الحكم في جنازته، فقال له الحسين، أتبكيه وقد كنت تُجرَّعه ما تُجرّعه؟ فقال: إنّي كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل.
لا تعاجل الذنب بالعقوبة واجعل بينهما للاعتذار طريقاً.
- المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت.
- الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.
- تُجهل النعم ما أقامت، فإذا ولت عرفت.
- ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم.
- اللؤم أن لا تشكر النعمة.
- الخير الذي لا شر فيه: الشكر مع النعمة، والصبر على النازلة.
- هلاك المرء في ثلاث، الكبر والحرص والحسد، فالكبر هلاك الدين، وبه لعن إبليس، والحرص عدو النفس، به أخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء، ومنه قتل قابيل هابيل.
- لا أدب لمن لا عقل له، ولا مروءة لمن لا همة له، ولا حياء لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعاً، ومن حرم العقل حرمهما جميعاً[14].
مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والترحم على الجار، ومعرفة الحق للصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء.
- ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد[16].
- علّم الناس علمك، وتعلّم علم غيرك، فتكون قد أتقنت علمك، وعلمت ما لم تعلم[17].
- لرجل أبلّ من علة: إن الله قد ذكرك فاذكره، وأقالك فاشكره.
- إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها.
- من تذكر بعد السفر اعتدّ.
- بينكم وبين الموعظة حجاب العزة.
- إن من طلب العبادة تزكى لها.
- طع العلم عذر المتعلمين[18].
- أحسن الحسن الخلق الحسن[19]
إستشهاده
إستشهد في 7 صفر سنة 50 هـ مغدوراً مسموماً , ودفن بالبقيع.[20][21].
كتب عن الحسن بن علي بن أبي طالب
أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير، 2، 10.
- الإصابة في تمييز الصحابة، 1، 328.
- إنها فاطمة الزهراء، محمد عبده يماني، 201.
- علي بن أبي طالب والحسن بن علي، محمد علي مغربي، 441.
المراجع
1. ^ أسد الغابة, ج1, ص562.
2. ^ أسد الغابة, ج1, ص562.
3. ^ دلائل الإمامة للطبري، ص60
4. ^ تاريخ الخلفاء، ص188
5. ^ البحار، ج43، ص264
6. ^ تاريخ الخلفاء، ص189
7. ^ البحار، ج 43، ص278
8. ^ الطبقات الكبرى، ج1، ص33
9. ^ غاية المرام، ص287
10. ^ صحيح البخاري.
11. ^ الكامل في التاريخ لابن الأثير، المجلد الثالث، صفحة 406، طبعة بيروت، 1385 هـ، 1965م.
12. ^ صحيح البخاري، كتاب الصلح.
13. ^ القرآن الكريم، سورة النساء الآية 86.
14. ^ (أعيان الشيعة 4 ق1/107).
15. ^ الحسن بن علي, عبد القادر أحمد اليوسف, 60).
16. ^ مطالب السؤول, 69.
17. ^ كشف الغمة, 170.
18. ^ تحف العقول, 169.
19. ^ الخصال, 29.
20. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير، أحداث سنة تسع وأربعين.
21. ^ مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصبهاني، ص20.