الفيديوهات
عذاب القبر ونعيمه كلام رائع الشيخ كشك أسد المنابر
https://www.youtube.com/watch?v=xaJFKR5k1wM
إثبات عذاب القبر للشيخ الشعراوي رحمه الله
https://www.youtube.com/watch?v=p5n3S5ON3S4
هل يوجد عذاب في القبر في رأي الشيخ الشعراوي ؟
https://www.youtube.com/watch?v=dMOZQ5LwKA0
اثبات عذاب القبر بالايات والاحاديث عمر عبد الكافي
https://www.youtube.com/watch?v=h7ezaeqEJ9k
الشيخ يعقوب وخطبة مبكية عن اول ليلة فى القبر مؤثرة جدا
https://www.youtube.com/watch?v=jbK9Z2xq5Yo
عذاب القبر ونعيمه
https://www.youtube.com/watch?v=gAOg0GXm1mo
خطبة الشيخ محمد العريفي..(الحياة في القبور)
https://www.youtube.com/watch?v=cajpWGop1N4
عذاب من لايصلى الصلاة فى اوقاتها فى القبر -محمد العريفى
https://www.youtube.com/watch?v=YpMl8ZkN4MM
عذاب القبر كما وصف
https://www.youtube.com/watch?v=aAe1I5SK52o
صور مفزعة من عذاب القبر لازم تراها
https://www.youtube.com/watch?v=_x3iL6HZszE
القبر - واسباب عذاب القبر - محمد حسان
https://www.youtube.com/watch?v=JMjbTXIOILk
محاضرة عــذاب القــبر || للشيخ محمد حسين يعقوب
https://www.youtube.com/watch?v=gFGeF-Y8g4s
https://www.youtube.com/watch?v=xaJFKR5k1wM
إثبات عذاب القبر للشيخ الشعراوي رحمه الله
https://www.youtube.com/watch?v=p5n3S5ON3S4
هل يوجد عذاب في القبر في رأي الشيخ الشعراوي ؟
https://www.youtube.com/watch?v=dMOZQ5LwKA0
اثبات عذاب القبر بالايات والاحاديث عمر عبد الكافي
https://www.youtube.com/watch?v=h7ezaeqEJ9k
الشيخ يعقوب وخطبة مبكية عن اول ليلة فى القبر مؤثرة جدا
https://www.youtube.com/watch?v=jbK9Z2xq5Yo
عذاب القبر ونعيمه
https://www.youtube.com/watch?v=gAOg0GXm1mo
خطبة الشيخ محمد العريفي..(الحياة في القبور)
https://www.youtube.com/watch?v=cajpWGop1N4
عذاب من لايصلى الصلاة فى اوقاتها فى القبر -محمد العريفى
https://www.youtube.com/watch?v=YpMl8ZkN4MM
عذاب القبر كما وصف
https://www.youtube.com/watch?v=aAe1I5SK52o
صور مفزعة من عذاب القبر لازم تراها
https://www.youtube.com/watch?v=_x3iL6HZszE
القبر - واسباب عذاب القبر - محمد حسان
https://www.youtube.com/watch?v=JMjbTXIOILk
محاضرة عــذاب القــبر || للشيخ محمد حسين يعقوب
https://www.youtube.com/watch?v=gFGeF-Y8g4s
أدلة عذاب القبر من القرآن والسنة
ومجموعة من الفتاوى خاصة بعذاب القبر
الرد على شبهات عذاب القبر
لا يوجد عذاب في القبر
يكفي الرجوع الى القرأن لتحقق ان لانسان لا يعرف مصيره الا يوم القيامه, اما كل هذه القصص فهي قصص تراثية ومن يعتقد بصحة القرأن عليه ان لا يصدقها. والله اعلم.
يقول الله تعالى: { فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية * فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية * وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه * خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين
* فليس له اليوم ها هنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون }
اي ان الانسان يعرف مصيره يوم القيامة, فلو كان هناك تعذيب في القبر لعرف مصيره من قبل. فاما ان تصدقو القرأن او القصص التراثية
القبر في معتقد المسلمين روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، جعله الله تعالى برزخا بين حياتين، وفاصلا بين مرحلتين، فهو بمثابة محطة للوقوف والانتظار، يقف فيها من مات - معذبا أو منعما - ريثما تنقضي أعمار الناس في حياتهم الدنيا، لينتقلوا بعدها جميعا إلى الدار الآخرة حيث يجازى المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته .
ورغم أن هذه المرحلة ( القبر ) مرحلة غيبية محضة، لا تدركها العقول، ولا يصلها الحس، فلم يخرج لنا ميت ليخبرنا بما رأى، ولا نزل حي إلى أهل القبور ليعلم حالهم، فالغيب يحيط بهذه المرحلة من جوانبها، فلا طريق لمعرفة كنهها وحقيقتها إلا بالخبر في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه وُجِدَ من يشغّب على تلك النصوص، أحيانا بدعوى معارضتها لنصوص أخرى، وأحيانا بدعوى مخالفتها للعقل والحس، وهي دعوى سنحاول مناقشتها لبيان أن عذاب القبر ونعيمه حقيقة ثابته أثبتها الشرع بنصوصه، وهي حقيقة لا تعارضها العقول، ولا ينكرها الحس .
ومن المناسب هنا أن نذكر جملة من نصوص الكتاب والسنة التي تثبت حقيقة عذاب القبر ونعيمه، وأن تلك المسألة من ثوابت ديننا، ومن لوازم إيماننا بالغيب .
أدلة الكتاب والسنة على عذاب القبر ونعيمه :
قال تعالى : النار يعرضون عليها غدواً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب( (غافر: 46 ). والعرض على النار هنا نوع من العذاب وهو حاصل قبل يوم القيامة بلا شك، بدليل قوله تعالى في الآية نفسها { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } فدل ذلك على ثبوت عذاب القبر، وهذا المعنى يؤيده ما رواه البخاري و مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة)
ومن الأدلة أيضا قوله تعالى: { فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون }( الطور: 45-47) وقد روى الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى: { وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك } يقول: " عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة ".
وقال تعالى: { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون }( الأنعام: 93)، فقول ملائكة العذاب: "اليوم" يدل على الزمن الحاضر وهو بلا شك قبل يوم القيامة. فدل ذلك على أن الكفار يعذبون قبل البعث والحساب.
هذه بعض الآيات الدالة على عذاب القبر، وأما الأحاديث فهي كثيرة نذكر منها ما ثبت:
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة.. فقال: ( من يعرف أصحاب هذه الأَقْبُر ؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء ؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر . قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر ) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم، قالت: فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما، فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم . فقال: صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم . قالت: فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر ) رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يتعوذ من عذاب القبر، وعذاب جهنم، وفتنة الدجال ) رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنها قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) متفق عليه.
وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل، جاء فيه عن العبد المؤمن: ( قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام . فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فيقولان له: وما علمك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت، فينادى مناد في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره .. ) رواه أحمد .
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله في ثبوت عذاب القبر ونعيمه - لمن كان لذلك أهلا - وسؤال الملكين . فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذا الدار " .
وقال أبو الحسن الأشعري في الإبانة :" وقد أجمع على ذلك – أي عذاب القبر ونعيمه - الصحابة والتابعون رضي الله عنهم أجمعين " ، وممن نقل الإجماع أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
شبهات من أنكر عذاب القبر والرد عليها
مما استدل به المنكرون لعذاب القبر ونعيمه قول الله عز وجل: { لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى }( الدخان: 56) قالوا: لو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين مرة في حياتهم الدنيا، ومرة في حياتهم البرزخية.
واستشهدوا على إنكارهم أيضا بقوله تعالى: { وما أنت بمسمع من في القبور }(فاطر: 22) قالوا: إن الغرض من سياق الآية تشبيه الكفرة بأهل القبور في عدم السماع، ولو كان الميت حيا في قبره أو حاسا لم يستقم التشبيه. هذا من جهة النقل، أما من جهة العقل فقالوا: إنا نرى الشخص يصلب ويبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه، ولا نشاهد فيه أيّاً من علامات الحياة فلا نراه يعذب ولانراه ينعم.
ونرى الرجل يحرق بالنار، وتأكله السباع، ولا نرى أثرا لما تقولونه من عذاب القبر ونعيمه.
وللإجابة على ذلك نقول أما قوله تعالى:{ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى }( الدخان: 56) وقولهم: لو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين مرة في حياتهم الدنيا، ومرة في حياتهم البرزخية.
فالجواب على ذلك أن الإيمان بحياة الأموات في قبورهم لا يقتضي مساواة حياتهم في البرزح بحياتهم في الدنيا، بل هي حياة خاصة قدرها الله سبحانه لهم، وعليه فلا يلزم ما قاله المنكرون لعذاب القبر ونعيمه من أنه لو كان الأموات منعمين أو معذبين للحقهم الموت مرة ثانية إذ ذلك لا يلزم إلا في حال تساوي الحياتين.
ومنشأ هذا الخلط عند منكري عذاب القبر هو ظنهم أن الموت هو عدم محض لا يشعر معه صاحبه بشيء وهذا ما ترده النصوص الشرعية من الكتاب والسنة. ثم إن الآية جاءت في سياق الامتنان على أهل الجنة بأنهم خالدون فيها لا يذوقون الموت سوى ما ذاقوه أول مرة في حياتهم الأولى، فليس في الآية حديث عن عذاب القبر ولا نعيمه ولا تعلق للآية به، فالاستدلال بها إقحام لها في غير سياقها ومساقها .
أما استشهادهم بقوله تعالى:{ وما أنت بمسمع من في القبور }( فاطر: 22) فالجواب عنه بأن الآية وردت في سياق تشبيه حال الكفار من حيث عدم انتفاعهم بسماع المواعظ والآيات بحال أهل القبور الذين لا ينتفعون بشيء مما يلقى عليهم، فالآية تنفي سماع الانتفاع لا مطلق السماع بدليل أن الكفار وهم المرادون في الآية بالأموات يسمعون الآيات بلا شك ولكنهم لا ينتفعون بها .
هذا ما يتعلق برد استدلالهم بالمنقول على إنكار عذاب القبر ونعيمه، أما استدلالهم بالمعقول وبالحس فالرد عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن الله قد حجب عنا معرفة ما يحصل للميت شفقة بنا لئلا نترك دفن موتانا، قال صلى الله عليه وسلم: ( إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ) رواه مسلم الوجه الثاني: أن عدم رؤيتنا لما يحصل للميت من عذاب أو نعيم لا يعني عدم وجوده فقدرة الله ليس لها حدود، فهو قادر سبحانه على أن يعذب أو ينعم من مات محروقا، أو مات مأكولا، فالله لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير.
الوجه الثالث: أننا نرى اليوم من طرق التعذيب أنواعا مختلفة لا تترك آثارا في الجسد كالتعذيب الكهربائي مثلا أو التعذيب النفسي، وهي أنواع من التعذيب ربما تكون أقسى من تلك التي تترك ندوبا في الجسد وآثارا.
الوجه الرابع: أن من أصول الإيمان عندنا الإيمان بالغيب، وعذاب القبر منه، وإنكار عذاب القبر ونعيمه بدعوى عدم مشاهدته أو الإحساس به، هو فتح لباب جحود الغيب على مصراعيه، فالملائكة تطوف حولنا وتكتب حسناتنا وسيئاتنا ولا نراها ومع ذلك نؤمن بها، وكذلك الجن، فهل يعد عدم رؤيتنا لذلك مبررا لإنكار تلك الغيبيات .
وبهذا يظهر أن من أنكر عذاب القبر ونعيمه ليس معه من العلم سوى الأوهام، وأن دلائل الكتاب والسنة قائمة على إثباته وتحقيقه، والله أعلم .
الرقـم المسلسل 6207
الموضوع حول عذاب القبر ونعيمه
التاريخ 10/04/2005
الســــؤال
اطلعنا على الطلب المقيــد برقــم 963 لسنــة 2005م المتضمن : أرجو بيان الحكم الشرعي فيما يسمى بعذاب القبر ونعيمه .
الـجـــواب
أمانة الفتوى
من المقرر عقيدةً أن عذاب القبر ونعيمه حق ؛ فقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : قـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: « عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ »، وهذا ثابت في الإسلام بأدلة متكاثرة ، منها قول الله عز وجل عن آل فرعون : {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِياًّ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} (غافر 045-046) أي أن العذاب السيئ يحيق بآل فرعون ، وهو أنهم يعرضون على النار في قبورهم صباحًا ومساءً قبل قيام الساعة ، وهي القيامة ، فإذا قامت القيامة قيل لملائكة العذاب : {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} (غافر 046) ،
وهو عذاب النار الأليم ، وقال الله عز وجل عن الفاسقين الكافرين : {وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ العَذَابِ الأَدْنَى دُونَ العَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (السجدة 21) ،
فقد ذكر المفسرون أن العذاب الأدنى – أي الأقرب أو الأقل – هو عذاب القبر ، وأن العذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامة ، قال الله تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} (طه 124) ، قـال أبـو سعيـد الخـدري وعبد الله بن مسعود : ضنكًا : عذاب القبر .
وقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ » رواه الترمذي ؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: « أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ » دليل على أن عذاب القبر ثابت .
وروى زِرُّ بن حُبَيش عن علي رضي الله عنه قال : كنا نشك في عـذاب القبر حتى نزلت هذه السـورة : {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} (التكاثر 001-003) يعني في القبور .
أخرج الشيخان وابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « نَعَمْ إِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ عَذَاباً تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ » مسند أحمد ، وأخرج الشيخان وابن أبي شيبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مّر على قبرين فقال : « إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً. فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ فَقَالَ : « لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا ».
وقال أبو هريرة : يُضَيَّق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، وهو المعيشة الضنك ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما المعيشة الضنك ؟ " قالـوا : الله ورسوله أعلم . قـال : " عذاب الكافر في القبر ، والذي نفسي بيده أنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنينًا ، أتدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية ، لكل حية تسعة أرؤس ينفخن في جسمه ، ويلسعنه ويخدشنه إلى يوم القيامة ، ويحشر في قبره إلى موقفـه أعمى " ، ولقد أخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في كتاب عذاب القبر ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ قَعَدَ عَلَى شَفَتِهِ فَجَعَلَ يَـرُدُّ بَصَرَهُ فِيهِ ثُمَّ قَـالَ : " يُضْغَطُ الْمُؤْمِنُ فِيهِ ضَغْطَةً تَزُولُ مِنْهَا حَمَائِلُهُ ، وَيُمْلأُ عَلَى الْكَافِرِ نَارا . ثُمَّ قَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ عِبَادِ اللَّهِ : الْفَظُّ الْمُسْتَكْبِرُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ : الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ ذُو الطِّمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ " ، والحمائل هنا : عروق الأنثيين ،
وأخرج أحمد والحاكم والترمذي والطبراني والبيهقي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوْما إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ تُوُفِّيَ ، قَالَ : فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُضِـعَ في قَبـْرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ سَبَّحَ رَسُـولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َفسَبَّحْنَا طَوِيلاً ثُمَّ كَبَّرَ فَكَبَّرْنَا ، فَقِيـلَ : يَا رَسُـولَ اللَّهِ ، لِمَ سَبَّحْتَ ثُمَّ كَبَّرْتَ ؟ قَالَ : " لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ " .
وعلى ما سبق : فإن عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع ، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكر عذاب القبر ونعيمه .
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تمت الإجابة بتاريخ 10/04/2005
رد شبهات المكذبين بعذاب القبر
أ.د. جعفر شيخ إدريس*
2006-05-27
كون بعض الناس يعذبون في قبورهم أمر جاءت به أحاديث متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتواتر يدل دلالة قاطعة على نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. فالذي ينكر عذاب القبر مكذب له صلى الله عليه وسلم، إلا أن يكون جاهلا بهذا التواتر، أو جاهلا بأمر عقلي وهو أن التواتر يدل دلالة قاطعة على نسبة القول أو الفعل إلى من نسب إليه.. ومن كان مكذبا للنبي في أمر يعلم أنه قاله فلا يكون مؤمنا به، ولا بربه الذي أرسله، وإن كرر النطق بالشهادتين ألف مرة أو زاد.
وكل حجة يتشبث بها من ينكر أمرا جاء به كتاب الله، أو قاله رسول الله لا بد أن تكون باطلة عقلا؛ كما هي باطلة شرعا.. بل إنها لتدل على ضيق أفق صاحبها؛ لأنها كثيرا ما تعتمد على الخلط بين الممكن والمألوف.. أعني أن أحدهم ينكر إمكان حدوث شيء ما لمجرد أنه أمر غير مألوف؛ فهو يخلط بين المستحيل وغير المعهود..
هكذا فعل العرب الجاهليون في إنكارهم للبعث.. كانوا يرون أنه من المستحيل أن تبعث أجسادهم بعد أن يصيروا عظاما نخرة.. فكان الرد القرآني العقلي عليهم: (وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) (الإسراء)..
أي إذا كنتم مؤمنين بأن الله تعالى هو الذي خلقكم أول مرة ولم تكونوا شيئا - وقد كانوا مؤمنين بذلك - فكيف يستحيل عليه أن يعيد خلقكم مرة ثانية؟!.. أليست الإعادة أهون من البداية؟!..كذلك الأمر بالنسبة لعذاب القبر؛ أنكره بعض الزنادقة في الماضي، ويقلدهم في إنكارهم بعض الزنادقة المحدثين.. لكن الزنادقة الذين أنكروا عذاب القبر قديما كانوا أذكي من زنادقتنا المحدثين؛ ولذلك أثاروا من الشبهات أعظم مما يثير هؤلاء المقلدون لهم.. ولم ير أهل السنة بأسا في رواية شبهاتهم؛ لأنهم كانوا موقنين بأنها حجج باطلة؛ يسهل محقها.. نذكر في ما يلى مثلا لهذه الردود السنية:
* رد ابن القيم على الزنادقة:
ذكر الإمام ابن القيم في كتابه الروح (تحقيق سعيد محمود عقيل، نشر دار النخيل) كثيرا من هذه الشبهات، وفصل فيها، وكان مما ذكر عنهم قولهم: (ونحن نرى المصلوب على خشبة مدة طويلة لا يسأل، ولا يجيب، ولا يتحرك، ولا يتوقد جسمه نارا، ومن افترسته السباع، ونهشته الطيور، وتفرقت أجزاؤه في أجواف السباع، وحواصل الطيور، وبطون الحيتان، ومدراج الرياح كيف تسأل أجزاؤه مع تفرقها؟!..)..
ثم بدأ رحمه الله في الرد عليهم ردا استغرق أكثر من عشر صفحات (77-91)؛ لكننا نلخصه في هذه الكلمات:
- أن الرسل لم يخبروا بما تقطع العقول باستحالته.
- أن يفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا تقصير؛ فلا يُحَمَّل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان.. إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام، بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد.
- أن الله تعالى جعل الدور ثلاثا: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار.. وجعل لكل دار أحكاما تختص بها.. جعل أحكام دار الدنيا على الأبدان، والأرواح تبعا لها.. وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعا لها.. تجري أحكام البرزخ على الأرواح؛ فتسري إلى أبدانها نعيما أو عذابا، كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان فتسري إلى أرواحها نعيما أو عذابا.. فأحِطْ بهذا الموضع علما، واعرفه كما ينبغي يزل عنك كل إشكال يرد عليك..
فإذا كان يوم حشر الأجساد، وقيام الناس من قبورهم صار الحكم، والنعيم، والعذاب على الأرواح والأجساد ظاهرا باديا..
- أن الله تعالى جعل أمر الآخرة وما كان متصلا بها غيبا؛ فأول ذلك أن الملائكة تنزل على المحتضر، وتجلس قريبا منه، ويشاهدهم عيانا، ويتحدثون عنده؛ قال تعالى: ( فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) (الواقعة)..
- أن النار التي في القبر والخضرة ليست من نار الدنيا؛ وإنما هي من نار الآخرة وخضرتها؛ وهي أشد من نار الدنيا؛ فلا يحس بها أهل الدنيا.. وقدرة الرب تعالى أوسع، وأعجب من ذلك.. وقد أرانا الله من آيات قدرته في هذه الدنيا ما هو أعجب من ذلك بكثير؛ ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما إلا من وفقه الله وعصمه.. فهذا جبريل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتمثل له رجلا؛ فيكلمه بكلام يسمعه؛ ومن إلى جانب النبي لا يراه، ولا يسمعه.. وهؤلاء الجن يتحدثون، ويتكلمون بالأصوات المرتفعة بيننا ونحن لا نسمعهم.
- ينبغي أن يعلم أن عذاب القبر ونعيمه اسم لعذاب البرزخ ونعيمه، وهو (يعني البرزخ) ما بين الدنيا والآخرة، وسمي عذاب القبر ونعيمه باعتبار غالب الخلق؛ فالمصلوب، والمحروق، والغرق، وأكيل السباع والطيور لهم من عذاب القبر ونعيمه قسطهم الذي تقتضيه أعمالهم.
* وزيادة من عندنا:
- يقال لمن ينكر عذاب القبر بحجة أن بعض الناس يموتون غرقا أو حرقا: أ أنت من المؤمنين بالبعث؟ إن كنت مؤمنا به فأنت تعتقد أن الله تعالى سيبعث الذين ماتوا حرقا؛ حتى ولو تفتت أجسادهم وذرت في الهواء.. فما الذي يمنعه سبحانه إذًا من أن يجمعها، ويجعلها جسدا كما كانت فور تفتتها؟ (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يس: 82)
- إن ما قلته عن الذين يحترقون أو يغرقون يقال مثله عن الذين يقبرون؛ ذلك أن المقبور لا يلبث - إن لم يكن نبيا - أن يتفتت، ويصير عظاما نخرة؛ كما قال المشركون، بل حتى عظامه ستتفتت وتتحول إلى المواد الأولية التي خلق منها الجسد!؛ فكيف إذًا يسأل أو يعذب؟!.
- أننا نعلم حتى في هذه الحياة الدنيا أن الإنسان إنما هو إنسان بروحه؛ لا بجسده؛ وذلك أننا نرى الجسم يتغير؛ فيزداد وزن الإنسان بضع أرطال أو ينقص، وتبتر بعض أجزاء جسمه، ويصح بعضها أو يمرض، ويظل الإنسان مع ذلك هو الشخص الذي نعرفه..
- بل نزيد على ذلك أمرا ربما لم يكن معروفا للأقدمين، بل ولكثير من المحدثين؛ وهو أن جسم الإنسان في تغير مستمر؛ حتى إنه لا يبقى من خلاياه شيء كان قبل بضع سنوات ما عدا خلايا الدماع التي يقال إنها إذا فقدت لا تعوض، وإن كانت بعض الخلايا الباقية تقوم بمهمتها..
والجسم إنما هو وسيلة لعذاب الروح؛ قال تعالى عن المعذبين في النار: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء: 56).
- ثم نضيف إلى ما ذكره الإمام بعض ما نعرف الآن من عجائب خلق الله في هذه الدنيا؛ مما يتصل بهذا الأمر؛ مما لم يكن بعضه معروفا في زمنه رحمه الله.. فنحن نعرف الآن أنه كما أن هنالك حدا أدني لما يسمعه الإنسان من أصوات؛ فهنالك أيضا حد أعلى!!.. أعني أنه كما أن هنالك أصواتا لا تسمعها الأذن البشرية لخفوتها وقد تسمعها بعض الحيوانات؛ فهنالك أيضا أصوات لا تسمعها هذه الأذن لشدة علوها؛ وقد يسمعها حيوان مثل الكلب!!.. وهذا يعني أنه قد توجد الآن في المكان الذي أنت فيه أصوات أعلى بكثير من أصوات الطائرات التي تصك الآذان لكننا لا نسمعها، بينما تسمعها بعض الحيوانات.
لشبكة المشكاة الإسلامية
السؤال:
هل عذاب القبر ثابت؟
المفتي: محمد بن صالح العثيمين
الإجابة:
عذاب القبر ثابت بصريح السنة وظاهر القرآن وإجماع المسلمين، هذه ثلاثة أدلة:
أما صريح السنة فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: "تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر".
وأما إجماع المسلمين فلأن جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: "أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر"، حتى العامة الذين ليسوا من أهل الإجماع ولا من العلماء.
وأما ظاهر القرآن فمثل قوله تعالى في آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}، ولا شك أن عرضهم على النار ليس من أجل أن يتفرجوا عليها، بل من أجل أن يصيبهم من عذابها،
وقال تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم}، الله أكبر إنهم لشحيحون بأنفسهم ما يريدون أن تخرج: {اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون}، فقال: {اليوم}، و "ال" هنا للعهد الحضوري، {اليوم} يعني اليوم الحاضر الذي هو يوم وفاتهم، {تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون}.
إذاً فعذاب القبر ثابت بصريح السنة، وظاهر القرآن، وإجماع المسلمين، وهذا الظاهر من القرآن يكاد يكون كالصريح لأن الآيتين اللتين ذكرناهما كالصريح في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب اليوم الآخر.
كيف نجيب من ينكر عذاب القبر؟
السؤال:
كيف نجيب من ينكر عذاب القبر ويحتج بأنه لو كشف القبر لوجد لم يتغير ولم يضق ولم يتسع؟
المفتي: محمد بن صالح العثيمين
الإجابة:
يجاب من أنكر عذاب القبر بحجة أنه لو كشف القبر لوجد أنه لم يتغير بعدة أجوبة منها:
أولاً: أن عذاب القبر ثابت بالشرع، قال الله تعالى في آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}،
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع"، ثم أقبل بوجهه فقال: "تعوذوا بالله من عذاب النار"، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار،
فقال: "تعوذوا بالله من عذاب القبر" قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المؤمن: "يفسح له في قبره مد بصره"، إلى غير ذلك من النصوص فلا يجوز معارضة هذه النصوص بوهم من القول بل الواجب التصديق والإذعان.
ثانياً: أن عذاب القبر على الروح في الأصل، وليس أمراً محسوساً على البدن فلو كان أمراً محسوساً على البدن لم يكن من الإيمان بالغيب ولم يكن للإيمان به فائدة لكنه من أمور الغيب، وأحوال البرزخ لا تقاس بأحوال الدنيا.
ثالثاً: أن العذاب والنعيم وسعة القبر وضيقه، إنما يدركه الميت دون غيره والإنسان قد يرى في المنام وهو نائم على فراشه أنه قائم وذاهب وراجع، وضارب ومضروب، ويرى أنه في مكان ضيق موحش، أو في مكان واسع بهيج، والذي حوله لا يرى ذلك ولا يشعر به.
والواجب على الإنسان في مثل هذه الأمور أن يقول: سمعنا وأطعنا، وآمنا وصدقنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب اليوم الآخر.
رقـم الفتوى : 58302
عنوان الفتوى : عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة المتواترة
تاريخ الفتوى : 14 ذو الحجة 1425 / 25-01-2005
السؤال
ما هو الفرق بين الحديث المتواتر وغير المتواتر، وهل يصح من شخص أن يقول أنا أومن بالقرآن وبالأحاديث المتواترة ولا أومن بغير ذلك من الأحاديث إلا أني لا أنكرها. وكل ذلك بسبب قول شخص لي :إنى لا أعتقد عذاب القبر إلا أنى أصدقه ولا أنكره، ذلك لأنه لم ترد أدلة صريحة في القرآن أو السنة المتواترة تدل على ذلك فما حكم عقيدة من يقول بذلك
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق بيان الفرق بين الحديث المتواتر وغير المتواتر في الفتوى رقم: 53117.
أما الأحاديث غير المتواترة فيجب العمل بما استوفى شروط الصحة منها قولية أو فعلية أو تقريرية، راجع الفتوى رقم: 11128، 6906.
أما عذاب القبر فثابت في الكتاب والسنة، فأما الكتاب، فقوله تعالى: وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ {غافر: 45-46}.
والآية صريحة في إثبات عذاب القبر قبل قيام الساعة.
وقوله تعالى: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ {التوبة:101}. وقوله تعالى: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {الطور: 47}.
فهو عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة.
وأما السنة:
فمنها ما ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة.
ومنها ما ورد في صحيح مسلم:
إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه.
وفي صحيح مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال.
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة، وليعلم أن هذه الأحاديث بلغت حد التواتر، وأن من لم يؤمن بما دلت عليه من إثبات عذاب القبر فهو على خطر عظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا، وسؤال الملكين فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به، ولا نتكلم عن كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تحار فيه العقول. اهـ.
قال الحافظ ابن رجب في كتابه أهوال القبور:
وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر، قال: نعم عذاب القبر حق.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 16778.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
لا يوجد عذاب في القبر
يكفي الرجوع الى القرأن لتحقق ان لانسان لا يعرف مصيره الا يوم القيامه, اما كل هذه القصص فهي قصص تراثية ومن يعتقد بصحة القرأن عليه ان لا يصدقها. والله اعلم.
يقول الله تعالى: { فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية * فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية * وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه * خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين
* فليس له اليوم ها هنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون }
اي ان الانسان يعرف مصيره يوم القيامة, فلو كان هناك تعذيب في القبر لعرف مصيره من قبل. فاما ان تصدقو القرأن او القصص التراثية
القبر في معتقد المسلمين روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، جعله الله تعالى برزخا بين حياتين، وفاصلا بين مرحلتين، فهو بمثابة محطة للوقوف والانتظار، يقف فيها من مات - معذبا أو منعما - ريثما تنقضي أعمار الناس في حياتهم الدنيا، لينتقلوا بعدها جميعا إلى الدار الآخرة حيث يجازى المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته .
ورغم أن هذه المرحلة ( القبر ) مرحلة غيبية محضة، لا تدركها العقول، ولا يصلها الحس، فلم يخرج لنا ميت ليخبرنا بما رأى، ولا نزل حي إلى أهل القبور ليعلم حالهم، فالغيب يحيط بهذه المرحلة من جوانبها، فلا طريق لمعرفة كنهها وحقيقتها إلا بالخبر في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه وُجِدَ من يشغّب على تلك النصوص، أحيانا بدعوى معارضتها لنصوص أخرى، وأحيانا بدعوى مخالفتها للعقل والحس، وهي دعوى سنحاول مناقشتها لبيان أن عذاب القبر ونعيمه حقيقة ثابته أثبتها الشرع بنصوصه، وهي حقيقة لا تعارضها العقول، ولا ينكرها الحس .
ومن المناسب هنا أن نذكر جملة من نصوص الكتاب والسنة التي تثبت حقيقة عذاب القبر ونعيمه، وأن تلك المسألة من ثوابت ديننا، ومن لوازم إيماننا بالغيب .
أدلة الكتاب والسنة على عذاب القبر ونعيمه :
قال تعالى : النار يعرضون عليها غدواً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب( (غافر: 46 ). والعرض على النار هنا نوع من العذاب وهو حاصل قبل يوم القيامة بلا شك، بدليل قوله تعالى في الآية نفسها { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } فدل ذلك على ثبوت عذاب القبر، وهذا المعنى يؤيده ما رواه البخاري و مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة)
ومن الأدلة أيضا قوله تعالى: { فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون }( الطور: 45-47) وقد روى الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى: { وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك } يقول: " عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة ".
وقال تعالى: { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون }( الأنعام: 93)، فقول ملائكة العذاب: "اليوم" يدل على الزمن الحاضر وهو بلا شك قبل يوم القيامة. فدل ذلك على أن الكفار يعذبون قبل البعث والحساب.
هذه بعض الآيات الدالة على عذاب القبر، وأما الأحاديث فهي كثيرة نذكر منها ما ثبت:
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة.. فقال: ( من يعرف أصحاب هذه الأَقْبُر ؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء ؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر . قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر ) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم، قالت: فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما، فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم . فقال: صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم . قالت: فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر ) رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يتعوذ من عذاب القبر، وعذاب جهنم، وفتنة الدجال ) رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنها قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) متفق عليه.
وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل، جاء فيه عن العبد المؤمن: ( قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام . فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فيقولان له: وما علمك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت، فينادى مناد في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره .. ) رواه أحمد .
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله في ثبوت عذاب القبر ونعيمه - لمن كان لذلك أهلا - وسؤال الملكين . فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذا الدار " .
وقال أبو الحسن الأشعري في الإبانة :" وقد أجمع على ذلك – أي عذاب القبر ونعيمه - الصحابة والتابعون رضي الله عنهم أجمعين " ، وممن نقل الإجماع أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
شبهات من أنكر عذاب القبر والرد عليها
مما استدل به المنكرون لعذاب القبر ونعيمه قول الله عز وجل: { لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى }( الدخان: 56) قالوا: لو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين مرة في حياتهم الدنيا، ومرة في حياتهم البرزخية.
واستشهدوا على إنكارهم أيضا بقوله تعالى: { وما أنت بمسمع من في القبور }(فاطر: 22) قالوا: إن الغرض من سياق الآية تشبيه الكفرة بأهل القبور في عدم السماع، ولو كان الميت حيا في قبره أو حاسا لم يستقم التشبيه. هذا من جهة النقل، أما من جهة العقل فقالوا: إنا نرى الشخص يصلب ويبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه، ولا نشاهد فيه أيّاً من علامات الحياة فلا نراه يعذب ولانراه ينعم.
ونرى الرجل يحرق بالنار، وتأكله السباع، ولا نرى أثرا لما تقولونه من عذاب القبر ونعيمه.
وللإجابة على ذلك نقول أما قوله تعالى:{ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى }( الدخان: 56) وقولهم: لو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين مرة في حياتهم الدنيا، ومرة في حياتهم البرزخية.
فالجواب على ذلك أن الإيمان بحياة الأموات في قبورهم لا يقتضي مساواة حياتهم في البرزح بحياتهم في الدنيا، بل هي حياة خاصة قدرها الله سبحانه لهم، وعليه فلا يلزم ما قاله المنكرون لعذاب القبر ونعيمه من أنه لو كان الأموات منعمين أو معذبين للحقهم الموت مرة ثانية إذ ذلك لا يلزم إلا في حال تساوي الحياتين.
ومنشأ هذا الخلط عند منكري عذاب القبر هو ظنهم أن الموت هو عدم محض لا يشعر معه صاحبه بشيء وهذا ما ترده النصوص الشرعية من الكتاب والسنة. ثم إن الآية جاءت في سياق الامتنان على أهل الجنة بأنهم خالدون فيها لا يذوقون الموت سوى ما ذاقوه أول مرة في حياتهم الأولى، فليس في الآية حديث عن عذاب القبر ولا نعيمه ولا تعلق للآية به، فالاستدلال بها إقحام لها في غير سياقها ومساقها .
أما استشهادهم بقوله تعالى:{ وما أنت بمسمع من في القبور }( فاطر: 22) فالجواب عنه بأن الآية وردت في سياق تشبيه حال الكفار من حيث عدم انتفاعهم بسماع المواعظ والآيات بحال أهل القبور الذين لا ينتفعون بشيء مما يلقى عليهم، فالآية تنفي سماع الانتفاع لا مطلق السماع بدليل أن الكفار وهم المرادون في الآية بالأموات يسمعون الآيات بلا شك ولكنهم لا ينتفعون بها .
هذا ما يتعلق برد استدلالهم بالمنقول على إنكار عذاب القبر ونعيمه، أما استدلالهم بالمعقول وبالحس فالرد عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن الله قد حجب عنا معرفة ما يحصل للميت شفقة بنا لئلا نترك دفن موتانا، قال صلى الله عليه وسلم: ( إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ) رواه مسلم الوجه الثاني: أن عدم رؤيتنا لما يحصل للميت من عذاب أو نعيم لا يعني عدم وجوده فقدرة الله ليس لها حدود، فهو قادر سبحانه على أن يعذب أو ينعم من مات محروقا، أو مات مأكولا، فالله لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير.
الوجه الثالث: أننا نرى اليوم من طرق التعذيب أنواعا مختلفة لا تترك آثارا في الجسد كالتعذيب الكهربائي مثلا أو التعذيب النفسي، وهي أنواع من التعذيب ربما تكون أقسى من تلك التي تترك ندوبا في الجسد وآثارا.
الوجه الرابع: أن من أصول الإيمان عندنا الإيمان بالغيب، وعذاب القبر منه، وإنكار عذاب القبر ونعيمه بدعوى عدم مشاهدته أو الإحساس به، هو فتح لباب جحود الغيب على مصراعيه، فالملائكة تطوف حولنا وتكتب حسناتنا وسيئاتنا ولا نراها ومع ذلك نؤمن بها، وكذلك الجن، فهل يعد عدم رؤيتنا لذلك مبررا لإنكار تلك الغيبيات .
وبهذا يظهر أن من أنكر عذاب القبر ونعيمه ليس معه من العلم سوى الأوهام، وأن دلائل الكتاب والسنة قائمة على إثباته وتحقيقه، والله أعلم .
الرقـم المسلسل 6207
الموضوع حول عذاب القبر ونعيمه
التاريخ 10/04/2005
الســــؤال
اطلعنا على الطلب المقيــد برقــم 963 لسنــة 2005م المتضمن : أرجو بيان الحكم الشرعي فيما يسمى بعذاب القبر ونعيمه .
الـجـــواب
أمانة الفتوى
من المقرر عقيدةً أن عذاب القبر ونعيمه حق ؛ فقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : قـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: « عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ »، وهذا ثابت في الإسلام بأدلة متكاثرة ، منها قول الله عز وجل عن آل فرعون : {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِياًّ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} (غافر 045-046) أي أن العذاب السيئ يحيق بآل فرعون ، وهو أنهم يعرضون على النار في قبورهم صباحًا ومساءً قبل قيام الساعة ، وهي القيامة ، فإذا قامت القيامة قيل لملائكة العذاب : {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} (غافر 046) ،
وهو عذاب النار الأليم ، وقال الله عز وجل عن الفاسقين الكافرين : {وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ العَذَابِ الأَدْنَى دُونَ العَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (السجدة 21) ،
فقد ذكر المفسرون أن العذاب الأدنى – أي الأقرب أو الأقل – هو عذاب القبر ، وأن العذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامة ، قال الله تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} (طه 124) ، قـال أبـو سعيـد الخـدري وعبد الله بن مسعود : ضنكًا : عذاب القبر .
وقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ » رواه الترمذي ؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: « أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ » دليل على أن عذاب القبر ثابت .
وروى زِرُّ بن حُبَيش عن علي رضي الله عنه قال : كنا نشك في عـذاب القبر حتى نزلت هذه السـورة : {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} (التكاثر 001-003) يعني في القبور .
أخرج الشيخان وابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « نَعَمْ إِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ عَذَاباً تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ » مسند أحمد ، وأخرج الشيخان وابن أبي شيبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مّر على قبرين فقال : « إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً. فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ فَقَالَ : « لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا ».
وقال أبو هريرة : يُضَيَّق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، وهو المعيشة الضنك ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما المعيشة الضنك ؟ " قالـوا : الله ورسوله أعلم . قـال : " عذاب الكافر في القبر ، والذي نفسي بيده أنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنينًا ، أتدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية ، لكل حية تسعة أرؤس ينفخن في جسمه ، ويلسعنه ويخدشنه إلى يوم القيامة ، ويحشر في قبره إلى موقفـه أعمى " ، ولقد أخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في كتاب عذاب القبر ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ قَعَدَ عَلَى شَفَتِهِ فَجَعَلَ يَـرُدُّ بَصَرَهُ فِيهِ ثُمَّ قَـالَ : " يُضْغَطُ الْمُؤْمِنُ فِيهِ ضَغْطَةً تَزُولُ مِنْهَا حَمَائِلُهُ ، وَيُمْلأُ عَلَى الْكَافِرِ نَارا . ثُمَّ قَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ عِبَادِ اللَّهِ : الْفَظُّ الْمُسْتَكْبِرُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ : الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ ذُو الطِّمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ " ، والحمائل هنا : عروق الأنثيين ،
وأخرج أحمد والحاكم والترمذي والطبراني والبيهقي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوْما إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ تُوُفِّيَ ، قَالَ : فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُضِـعَ في قَبـْرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ سَبَّحَ رَسُـولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َفسَبَّحْنَا طَوِيلاً ثُمَّ كَبَّرَ فَكَبَّرْنَا ، فَقِيـلَ : يَا رَسُـولَ اللَّهِ ، لِمَ سَبَّحْتَ ثُمَّ كَبَّرْتَ ؟ قَالَ : " لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ " .
وعلى ما سبق : فإن عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع ، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكر عذاب القبر ونعيمه .
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تمت الإجابة بتاريخ 10/04/2005
رد شبهات المكذبين بعذاب القبر
أ.د. جعفر شيخ إدريس*
2006-05-27
كون بعض الناس يعذبون في قبورهم أمر جاءت به أحاديث متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتواتر يدل دلالة قاطعة على نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. فالذي ينكر عذاب القبر مكذب له صلى الله عليه وسلم، إلا أن يكون جاهلا بهذا التواتر، أو جاهلا بأمر عقلي وهو أن التواتر يدل دلالة قاطعة على نسبة القول أو الفعل إلى من نسب إليه.. ومن كان مكذبا للنبي في أمر يعلم أنه قاله فلا يكون مؤمنا به، ولا بربه الذي أرسله، وإن كرر النطق بالشهادتين ألف مرة أو زاد.
وكل حجة يتشبث بها من ينكر أمرا جاء به كتاب الله، أو قاله رسول الله لا بد أن تكون باطلة عقلا؛ كما هي باطلة شرعا.. بل إنها لتدل على ضيق أفق صاحبها؛ لأنها كثيرا ما تعتمد على الخلط بين الممكن والمألوف.. أعني أن أحدهم ينكر إمكان حدوث شيء ما لمجرد أنه أمر غير مألوف؛ فهو يخلط بين المستحيل وغير المعهود..
هكذا فعل العرب الجاهليون في إنكارهم للبعث.. كانوا يرون أنه من المستحيل أن تبعث أجسادهم بعد أن يصيروا عظاما نخرة.. فكان الرد القرآني العقلي عليهم: (وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) (الإسراء)..
أي إذا كنتم مؤمنين بأن الله تعالى هو الذي خلقكم أول مرة ولم تكونوا شيئا - وقد كانوا مؤمنين بذلك - فكيف يستحيل عليه أن يعيد خلقكم مرة ثانية؟!.. أليست الإعادة أهون من البداية؟!..كذلك الأمر بالنسبة لعذاب القبر؛ أنكره بعض الزنادقة في الماضي، ويقلدهم في إنكارهم بعض الزنادقة المحدثين.. لكن الزنادقة الذين أنكروا عذاب القبر قديما كانوا أذكي من زنادقتنا المحدثين؛ ولذلك أثاروا من الشبهات أعظم مما يثير هؤلاء المقلدون لهم.. ولم ير أهل السنة بأسا في رواية شبهاتهم؛ لأنهم كانوا موقنين بأنها حجج باطلة؛ يسهل محقها.. نذكر في ما يلى مثلا لهذه الردود السنية:
* رد ابن القيم على الزنادقة:
ذكر الإمام ابن القيم في كتابه الروح (تحقيق سعيد محمود عقيل، نشر دار النخيل) كثيرا من هذه الشبهات، وفصل فيها، وكان مما ذكر عنهم قولهم: (ونحن نرى المصلوب على خشبة مدة طويلة لا يسأل، ولا يجيب، ولا يتحرك، ولا يتوقد جسمه نارا، ومن افترسته السباع، ونهشته الطيور، وتفرقت أجزاؤه في أجواف السباع، وحواصل الطيور، وبطون الحيتان، ومدراج الرياح كيف تسأل أجزاؤه مع تفرقها؟!..)..
ثم بدأ رحمه الله في الرد عليهم ردا استغرق أكثر من عشر صفحات (77-91)؛ لكننا نلخصه في هذه الكلمات:
- أن الرسل لم يخبروا بما تقطع العقول باستحالته.
- أن يفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا تقصير؛ فلا يُحَمَّل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان.. إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام، بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد.
- أن الله تعالى جعل الدور ثلاثا: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار.. وجعل لكل دار أحكاما تختص بها.. جعل أحكام دار الدنيا على الأبدان، والأرواح تبعا لها.. وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعا لها.. تجري أحكام البرزخ على الأرواح؛ فتسري إلى أبدانها نعيما أو عذابا، كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان فتسري إلى أرواحها نعيما أو عذابا.. فأحِطْ بهذا الموضع علما، واعرفه كما ينبغي يزل عنك كل إشكال يرد عليك..
فإذا كان يوم حشر الأجساد، وقيام الناس من قبورهم صار الحكم، والنعيم، والعذاب على الأرواح والأجساد ظاهرا باديا..
- أن الله تعالى جعل أمر الآخرة وما كان متصلا بها غيبا؛ فأول ذلك أن الملائكة تنزل على المحتضر، وتجلس قريبا منه، ويشاهدهم عيانا، ويتحدثون عنده؛ قال تعالى: ( فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) (الواقعة)..
- أن النار التي في القبر والخضرة ليست من نار الدنيا؛ وإنما هي من نار الآخرة وخضرتها؛ وهي أشد من نار الدنيا؛ فلا يحس بها أهل الدنيا.. وقدرة الرب تعالى أوسع، وأعجب من ذلك.. وقد أرانا الله من آيات قدرته في هذه الدنيا ما هو أعجب من ذلك بكثير؛ ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما إلا من وفقه الله وعصمه.. فهذا جبريل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتمثل له رجلا؛ فيكلمه بكلام يسمعه؛ ومن إلى جانب النبي لا يراه، ولا يسمعه.. وهؤلاء الجن يتحدثون، ويتكلمون بالأصوات المرتفعة بيننا ونحن لا نسمعهم.
- ينبغي أن يعلم أن عذاب القبر ونعيمه اسم لعذاب البرزخ ونعيمه، وهو (يعني البرزخ) ما بين الدنيا والآخرة، وسمي عذاب القبر ونعيمه باعتبار غالب الخلق؛ فالمصلوب، والمحروق، والغرق، وأكيل السباع والطيور لهم من عذاب القبر ونعيمه قسطهم الذي تقتضيه أعمالهم.
* وزيادة من عندنا:
- يقال لمن ينكر عذاب القبر بحجة أن بعض الناس يموتون غرقا أو حرقا: أ أنت من المؤمنين بالبعث؟ إن كنت مؤمنا به فأنت تعتقد أن الله تعالى سيبعث الذين ماتوا حرقا؛ حتى ولو تفتت أجسادهم وذرت في الهواء.. فما الذي يمنعه سبحانه إذًا من أن يجمعها، ويجعلها جسدا كما كانت فور تفتتها؟ (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يس: 82)
- إن ما قلته عن الذين يحترقون أو يغرقون يقال مثله عن الذين يقبرون؛ ذلك أن المقبور لا يلبث - إن لم يكن نبيا - أن يتفتت، ويصير عظاما نخرة؛ كما قال المشركون، بل حتى عظامه ستتفتت وتتحول إلى المواد الأولية التي خلق منها الجسد!؛ فكيف إذًا يسأل أو يعذب؟!.
- أننا نعلم حتى في هذه الحياة الدنيا أن الإنسان إنما هو إنسان بروحه؛ لا بجسده؛ وذلك أننا نرى الجسم يتغير؛ فيزداد وزن الإنسان بضع أرطال أو ينقص، وتبتر بعض أجزاء جسمه، ويصح بعضها أو يمرض، ويظل الإنسان مع ذلك هو الشخص الذي نعرفه..
- بل نزيد على ذلك أمرا ربما لم يكن معروفا للأقدمين، بل ولكثير من المحدثين؛ وهو أن جسم الإنسان في تغير مستمر؛ حتى إنه لا يبقى من خلاياه شيء كان قبل بضع سنوات ما عدا خلايا الدماع التي يقال إنها إذا فقدت لا تعوض، وإن كانت بعض الخلايا الباقية تقوم بمهمتها..
والجسم إنما هو وسيلة لعذاب الروح؛ قال تعالى عن المعذبين في النار: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء: 56).
- ثم نضيف إلى ما ذكره الإمام بعض ما نعرف الآن من عجائب خلق الله في هذه الدنيا؛ مما يتصل بهذا الأمر؛ مما لم يكن بعضه معروفا في زمنه رحمه الله.. فنحن نعرف الآن أنه كما أن هنالك حدا أدني لما يسمعه الإنسان من أصوات؛ فهنالك أيضا حد أعلى!!.. أعني أنه كما أن هنالك أصواتا لا تسمعها الأذن البشرية لخفوتها وقد تسمعها بعض الحيوانات؛ فهنالك أيضا أصوات لا تسمعها هذه الأذن لشدة علوها؛ وقد يسمعها حيوان مثل الكلب!!.. وهذا يعني أنه قد توجد الآن في المكان الذي أنت فيه أصوات أعلى بكثير من أصوات الطائرات التي تصك الآذان لكننا لا نسمعها، بينما تسمعها بعض الحيوانات.
لشبكة المشكاة الإسلامية
السؤال:
هل عذاب القبر ثابت؟
المفتي: محمد بن صالح العثيمين
الإجابة:
عذاب القبر ثابت بصريح السنة وظاهر القرآن وإجماع المسلمين، هذه ثلاثة أدلة:
أما صريح السنة فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: "تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر".
وأما إجماع المسلمين فلأن جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: "أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر"، حتى العامة الذين ليسوا من أهل الإجماع ولا من العلماء.
وأما ظاهر القرآن فمثل قوله تعالى في آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}، ولا شك أن عرضهم على النار ليس من أجل أن يتفرجوا عليها، بل من أجل أن يصيبهم من عذابها،
وقال تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم}، الله أكبر إنهم لشحيحون بأنفسهم ما يريدون أن تخرج: {اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون}، فقال: {اليوم}، و "ال" هنا للعهد الحضوري، {اليوم} يعني اليوم الحاضر الذي هو يوم وفاتهم، {تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون}.
إذاً فعذاب القبر ثابت بصريح السنة، وظاهر القرآن، وإجماع المسلمين، وهذا الظاهر من القرآن يكاد يكون كالصريح لأن الآيتين اللتين ذكرناهما كالصريح في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب اليوم الآخر.
كيف نجيب من ينكر عذاب القبر؟
السؤال:
كيف نجيب من ينكر عذاب القبر ويحتج بأنه لو كشف القبر لوجد لم يتغير ولم يضق ولم يتسع؟
المفتي: محمد بن صالح العثيمين
الإجابة:
يجاب من أنكر عذاب القبر بحجة أنه لو كشف القبر لوجد أنه لم يتغير بعدة أجوبة منها:
أولاً: أن عذاب القبر ثابت بالشرع، قال الله تعالى في آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}،
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع"، ثم أقبل بوجهه فقال: "تعوذوا بالله من عذاب النار"، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار،
فقال: "تعوذوا بالله من عذاب القبر" قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المؤمن: "يفسح له في قبره مد بصره"، إلى غير ذلك من النصوص فلا يجوز معارضة هذه النصوص بوهم من القول بل الواجب التصديق والإذعان.
ثانياً: أن عذاب القبر على الروح في الأصل، وليس أمراً محسوساً على البدن فلو كان أمراً محسوساً على البدن لم يكن من الإيمان بالغيب ولم يكن للإيمان به فائدة لكنه من أمور الغيب، وأحوال البرزخ لا تقاس بأحوال الدنيا.
ثالثاً: أن العذاب والنعيم وسعة القبر وضيقه، إنما يدركه الميت دون غيره والإنسان قد يرى في المنام وهو نائم على فراشه أنه قائم وذاهب وراجع، وضارب ومضروب، ويرى أنه في مكان ضيق موحش، أو في مكان واسع بهيج، والذي حوله لا يرى ذلك ولا يشعر به.
والواجب على الإنسان في مثل هذه الأمور أن يقول: سمعنا وأطعنا، وآمنا وصدقنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب اليوم الآخر.
رقـم الفتوى : 58302
عنوان الفتوى : عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة المتواترة
تاريخ الفتوى : 14 ذو الحجة 1425 / 25-01-2005
السؤال
ما هو الفرق بين الحديث المتواتر وغير المتواتر، وهل يصح من شخص أن يقول أنا أومن بالقرآن وبالأحاديث المتواترة ولا أومن بغير ذلك من الأحاديث إلا أني لا أنكرها. وكل ذلك بسبب قول شخص لي :إنى لا أعتقد عذاب القبر إلا أنى أصدقه ولا أنكره، ذلك لأنه لم ترد أدلة صريحة في القرآن أو السنة المتواترة تدل على ذلك فما حكم عقيدة من يقول بذلك
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق بيان الفرق بين الحديث المتواتر وغير المتواتر في الفتوى رقم: 53117.
أما الأحاديث غير المتواترة فيجب العمل بما استوفى شروط الصحة منها قولية أو فعلية أو تقريرية، راجع الفتوى رقم: 11128، 6906.
أما عذاب القبر فثابت في الكتاب والسنة، فأما الكتاب، فقوله تعالى: وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ {غافر: 45-46}.
والآية صريحة في إثبات عذاب القبر قبل قيام الساعة.
وقوله تعالى: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ {التوبة:101}. وقوله تعالى: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {الطور: 47}.
فهو عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة.
وأما السنة:
فمنها ما ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة.
ومنها ما ورد في صحيح مسلم:
إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه.
وفي صحيح مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال.
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة، وليعلم أن هذه الأحاديث بلغت حد التواتر، وأن من لم يؤمن بما دلت عليه من إثبات عذاب القبر فهو على خطر عظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا، وسؤال الملكين فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به، ولا نتكلم عن كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تحار فيه العقول. اهـ.
قال الحافظ ابن رجب في كتابه أهوال القبور:
وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر، قال: نعم عذاب القبر حق.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 16778.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى