أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي (29 مارس1929 - 11 يناير2001).[1] ولد في ليلة 27 رمضان عام 1347 هـ، في عنيزة إحدى مدن القصيم بالمملكة العربية السعودية. جده عثمان اشتهر بعثيمين فصارت الأسرة تنسب لهذا الجد، وهو الجد الرابع ". آل عثيمين هم من آل مقبل، من آل زاخر، - البطن الثاني من الوهبة – نسبة إلى (محمد بن علوي بن وهيب) ومحمد هذا هو الجد الجامع لبطون الوهبة جميعاً.
نشأته من الصغرنشأ في أسرة متوسطة الحال، فقد كان والده يعمل في التجارة بين الرياض وعنيزة، ثم استقر في عنيزة وعمل قبل وفاته بدار الأيتام بعنيزة. وقد سُئل الشيخ: هل اشتغلت بالتجارة إلى جانب طلبك للعلم ؟ فقال: لا، لأن الوالد كان في الرياض، وكان ميسور الحال. فلم تتيسّر له سبل الرفاهية في الطلب، حيث يصف الشيخ المكان الذي يقرأ فيه بأنه (غرفة من طين، تطل على زريبة بقر). (2) فلله درّه، ورحمة الله عليه.فليس هناك: مباني شاهقة، ومكاتب فارهة، وكراسي دائرة، ومكتبة عامرة، وسيارة فاخرة، والتي يظن العديد من طلاب العلم أنها كلها من لوازم الطلب، بل من ضرورياته، فليت طلاب العلم يعتبرون.لوازم الطلب وكان من توفيق الله جل وعلا أن نشأ الشيخ في أسرة معروفة بالدين والاستقامة ، فآل عثيمين هم أخوال الشيخ السعدي - كما سبق بيانه – وجد الشيخ محمد – لأمه – هو الشيخ عبدالرحمن ابن سليمان آل دامغ الإمام والمدرس في مسجد الخريزة (1) بعنيزة، والذي كان الأستاذ الأول للمترجم ،
نشأته العلميةتعلم القران على يد جده من جهة أمه عبد الرحمن بن سليمان الدامغ ثم تعلم الكتابة وشيئاً من الأدب والحساب والتحق بإحدى المدارس وحفظ القرآن عن ظهر قلب في سن مبكرة، وكذا مختصرات المتون في الحديث والفقه. كان عبد الرحمن بن ناصر السعدي قد رتب من طلبته الكبار لتدريس المبتدئين من الطلبة وكان منهم محمد بن عبد العزيز المطوع فانضم إليه العثيمين.
يعتبر عبد الرحمن السعدي مرجعه الأول الذي تأثر بمنهجه وتأصيله واتباعه للدليل وطريقة تدريسه.
قرأ على عبد الرحمن بن علي بن عودان في علم الفرائض حال ولايته القضاء في عنيزة وقرأ على عبد الرزاق عفيفي في النحو والبلاغة أثناء وجوده في عنيزة ولما فتح المعهد العلمي بالرياض إلتحق به في 1372 هـ وانتظم في الدراسة سنتين انتفع فيهما بالعلماء الذين كانوا يدرسون في المعهد حينذاك ومنهم محمد الأمين الشنقيطي وعبد العزيز بن ناصر بن رشيد وعبد الرحمن الأفريقي وغيرهم.
اعتقاد السلف الصالح؛ أهل السنة والجماعة؛ في أصول الدين جملةً وتفصيلاً.وقد بين الشيخ عقيدته السلفية في تآليفه وشروحه ودروسه ومحاضراته وخطبه وفتاواه. وقد عاش يدعو إلى هذه العقيدة حتى آخر أيام عمره، في دروسه التي كان يلقيها في المسجد الحرام من غرفته، وهو على سرير المرض.
تفصيله في مسألة التكفير وخاصة تكفير الحكامفقد بين الشيخ خطورة الكلام في هذه المسألة خاصة ممن لا علم عنده، أو ممن يجري وراء العواطف والحماس المتوقد، وحذَّر أشد التحذير من الولوج في هذه الباب بغير علم وبصيرة، فقال الشيخ العثيمين:" وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان، فعلى المرء أن لا يتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه؛ حتى يتبين له الحق؛ لأن المسألة خطيرة، نسأل الله تعالى أَنْ يُصْلِحَ للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم، كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام، لتقوم الحجة عليهم، وتبين المحجة، فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، ولا يحقرن نفسه عن بيانه، ولا يهَابنّ أحداً فيه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. والله ولي التوفيق ".
بيان الشيخ للكثير من الأخطاء التي تقع في كلام بعض الناس
وله كتاب مخصص لهذا الموضوع. ومن تلك الأخطاء: عبارة(لا حول الله)الواجب أن تعدل،فيقال:لاحول ولاقوة إلا بالله (لا سمح الله) تكره؛لأنها توهم أن أحداً يجبر الله على فعل الشيء. (لا قَدّر الله) لا بأس بها إذا قصد بها الدعاء. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (3/139). وعبارة: (شاءت قدرة الله) لا تصح.المصدر السابق (3/132). (فلان كان المثل الأعلى) وأنها لا تجوز على سبيل الإطلاق، فإذا قيدت فلا بأس.المصدر السابق (3/132). (فلان دفن في مثواه الأخير) وأنها حرام لا تجوز. المصدر السابق (3/133).
عدم محبته للمديحوقد كان لا يحب الإطراء عليه، أو مدحه والثناء عليه عند الناس، ويمنع من ذلك، بل يُحرج من يفعل ذلك إذا استمرّ عليه، ويوقفه عن ذلك: من ذلك ما اشتهر عنه أنّ أحد طلابه استأذن منه أن يتلو أمامه قصيدة، فأذن، فقال الطالب:
يَاأمتِي إِن هذَا الليلَ يَعقبهُ فَجرٌ وأَنوَارهُ في الأَرضِ تَنتَشِرُ
ما دَام فِينَاابنُ صَالح شَيْخ صَحْوَتِنَا بِمِثْلِه يُرْتَجَى التّأييدُ وَالظّفَرُ
فاعترض الشيخ على الطالب، وقال: أنا لا أوافق على هذا البيت لأني لا أريد أن يربط الحق بالأشخاص، فإذا ربطنا الحقّ بالأشخاص معناه أن الإنسان إذا مات قد ييأس الناس. ثم قال: إذا كان يمكنك أن تبدل البيت: ما دام فينا كتاب الله وسنة رسوله هذا طيب. فقال الطالب: ما دام فينا كتاب الله وسنة رسوله - ابن عثيمين – فاعترضه الشيخ قائلاً: لا، الله يهديك، لا، لا هذه لا تجيبها أبداً.. وقّف وقّف. ثم قال من حوله: (خلّه يواصل يا شيخ). فاعترض قائلاً: لا، لا والله ما أرضى، لا، لا ما أرغب. ثم علّق قائلاً: (أنا أنصحكم من الآن وبعد الآن، أن لا تجعلوا الحق مربوطاً بالرجال، الرجال أولاً يضلّون، حتى ابن مسعودٍ يقول: من كان مستنّاً فليستَنّ بمن قد مات، فإن الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة، الرّجال إذا جعلتم الحقّ مربوطاً بهم يمكن الإنسان يغترّ بنفسه – نعوذ بالله من ذلك – ويسلك طرقاً غير صحيحة..)
أعماله ونشاطه العلمي
بدأ التدريس منذ عام 1370 هـ في الجامع الكبير بعنيزة في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي وبعد أن تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ.
في سنه 1376هـ توفي شيخه عبد الرحمن السعدي فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة والخطابة فيه والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع والتي أسسها شيخه عام 1359هـ.
لما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل المملكة وخارجها حتى كانو يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع - ولم يزل مدرساً في مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي.
استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عنيزة حتى عام 1398هـ وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومناهج المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وألف بعض المناهج الدراسية.
ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي.
كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع الجامعة بالقصيم ورئيساً لقسم العقيدة فيها.
كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته
كان يعقد اللقاءات المنتظمة الأسبوعية مع قضاة منطقة القصيم وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عنيزة ومع خطباء مدينة عنيزة ومع كبار طلابه ومع الطلبة المقيمين في السكن ومع أعضاء مجلس إدارة جمعية تحفيظ القران الكريم ومع منسوبي قسم العقيدة بفرع جامعة الإمام محمد بن سعودبالقصيم.
كان يعقد اللقاءات العامة كاللقاء الأسبوعي في منزله واللقاء الشهري في مسجده واللقاءات الموسمية السنوية التي كان يجدولها خارج مدينته.
أعلن فوزه بجائزة الملك فيصل العالية لخدمة الإسلام للعام الهجري 1414 هـ وذكرت لجنة الاختيار في حيثيات فوز الشيخ بالجائزة ما يلي:-
أولاً: تحليه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها الورع ورحابة الصدر وقول الحق والعمل لمصلحة المسلمين والنصح لخاصتهم وعامتهم.
ثالثاً: إلقاؤه المحاضرات العامة النافعة في مختلف مناطق المملكة.
رابعاً: مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كبيرة.
خامساً: اتباعه أسلوباً متميزاً في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتقديمه مثلاً حياً لمنهج السلف الصالح فكراً وسلوكاً.
ملك قدرة على استحضار الآيات والأحاديث لتعزيز الدليل واستنباط الأحكام والفوائد. تركزت جهوده ومجالات نشاطه العلمي فيما يلي:-
باشر التعليم منذ عام 1370 هـ إلى آخر ليلة من شهر رمضان عام 1421 هـ (أكثر من نصف قرن). فقد كان يدرس في مسجده بعنيزه كل يوم.
يدرس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج ورمضان والعطل الصيفية.
يدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
يدرس باستخدام الهاتف داخل المملكة وخارجها عن طريق المراكز الإسلامية.
يلقي المحاضرات العامة المباشرة والدروس في مساجد المملكة كلما ذهب لزيارة المناطق.
يهتم بالجانب الوعظي الذي خصه بنصيب وافر من دروسه للعناية به وكان دائماً يكرر على الأسماع الآية "واعلموا أنكم ملاقوه" ويقول "والله لوكانت قلوبنا حية لكان لهذه الكلمة وقع في نفوسنا".
يلقي خطبه من مسجده في عنيزة وقد تميزت خطبه بتوضيح أحكام العبادات والمعاملات ومناسباتها للأحداث والمواسم فجاءت كلها مثمرة مجدية محققة للهدف الشرعي منها.
يعقد اللقاءات العلمية المنتظمة والمجدولة الأسبوعية منها والشهرية والسنوية.
يحرر الفتاوى التي كتب الله قبولها عند الناس فاطمأنوا لها ولاختياراته الفقهية.
ينشر عبر وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة ومن خلال الأشرطة دروسه ومحاضراته وبرامجه العلمية عبر البرنامج الإذاعي المشهور - نور على الدرب - وغيره من البرامج.
له مؤلفات عديدة من كتب ورسائل وشروح للمتون العلمية وقد بلغت أكثر من تسعين كتاباً ورسالة بخلاف أشرطة الدروس والمحاضرات التي تقدر بآلاف الساعات.
أخذت مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية التي أنشئت هذا العام 1422 هـ على عاتقها مسؤولية العناية والاهتمام بهذا التراث الضخم الذي خلفه العثيمين لجعل إنتاجه متاحاً للجميع في مختلف الوسائل الممكنة.
منهجه العلمي
أوضح العثيمين منهجه، وصرّح به مرات عديدة أنه يسير على الطريقة التي انتهجها شيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي، وهو منهج خرج به عن المنهج الذي يسير عليه علماء الجزيرة عامتهم أو غالبيتهم، حيث اعتماد المذهب الحنبلي في الفروع من مسائل الأحكام الفقهية والاعتماد على كتاب "زاد المستقنع" في فقه الأمام أحمد بن حنبل، فكان الشيخ عبد الرحمن السعدي معروفًا بخروجه عن المذهب الحنبلي وعدم التقيد به في مسائل كثيرة.
ومنهج الشيخ السعدي هو كثيرًا ما يتبنى آراء ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ويرجحهما على المذهب الحنبلي، فلم يكن عنده جمود تجاه مذهب معين.
متزوج من زوجة واحدة، وهي: كريمة: محمد إبراهيم منصور التركي، وله منها ثمانية أولاد. خمسة من الذكور، وهم: عبد الله، وعبد الرحمن، وإبراهيم، وعبد العزيز، وعبد الرحيم. وثلاث من الإناث. وذكر شيخنا عبد المحسن العباد أنه سمع الشيخ يقول: إنه سمّى أبناءه بعبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم، حسب الترتيب المذكور في البسملة.
أخوانه - الدكتور عبد الله: رئيس قسم التاريخ في جامعة الملك سعود بالرياض، والأمين العام لجائزة الملك فيصل، وعضو مجلس الشورى. - الأستاذ عبد الرحمن: مدير عام الإدارة المالية والإدارية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. (2) ولـه شقيقـة واحدة، وهي زوجـة ابن عـمّ الشيخ محمد السليمان العثيمين.
الشيخ -رحمه الله- لما نقل من الحرم في آخر يوم بعد ما انتهى من الدرس من شدة الالتهاب الرئوي الذي أصابه إلى جدة في العيد، عولج من هذا الالتهاب الرئوي, وكان طيلة الوقت، إذا أفاق يقرأ القرآن ويذكر الله، قال: وفي آخر ليلتين اشتد عليه المرض جداً ثم في آخر يومين اشتد عليه المرض جداً،وكان الشيخ يعاني أيضا من مرض السرطان ,وفي يوم وفاته بعد الظهر الساعة الواحدة والنصف دخل في غيبوبة إلى الساعة السادسة إلا عشر دقائق.[7] أعلنت وفاته قبيل مغرب يوم الأربعاء 15 شوال سنة 1421 هـ بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وصلي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة العصر يوم الخميس السادس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ، ودفن بمكة المكرمة.