الشيخ محمد بن عبد الوهاب
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان آل مشرف التميمي (1703م - 1791م) ولد محمد بن عبد الوهاب في بلدة العيينة في أسرة معروفة بالعلم والصلاح وتعلم القرآن الكريم وحفظه قبل بلوغه عشر سنين وكان حاد الفهم وقاد الذهن سريع الحفظ قرأ على أبيه الفقه ورحل إلى ما يليه من الأقطار فأتى البصرة والإحساء والحجاز وغيرها. وله مؤلفات نافعة منها كتاب التوحيد، ومختصر السيرة، وغيرهما من المؤلفات النافعة.[1]
فقد نشأ ابن عبد الوهاب في كنف العلم والقرآن الكريم في مدينة العينية وكان والده معين له في درب الثقافة والتعليم مع مطلع حياته فحفظ القرآن الكريم كعادة القوم في ذلك الزمان فتعلم بن عبد الوهاب في مسقط رأسه العينية على أيدي أئمة المسلمين من الحنابلة ففي كتاب هذه القرية حفظ القرآن قبل حلول السنة العاشرة من عمره ثم وتعلم على أيدي علماء الحرمين.[2]
النشأة
نسبه
هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبه بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعه بن أبي سود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناه التميمي. من المشارفه من المعاضيد من ال ريس من قبيلة الوهبه من بني تميم. أما والدة محمد؛ فهي بنت محمد بن عزاز بن المشرفي الوهيبي التميمي، فهي من عشيرته الأدنين، فيقال: (المشرفي) نسبة إلى جده مشرف وأسرته آل مشرف، ويقال: (الوهيبي) نسبة إلى جده وهيب جد الوهبة، والوهبة يجتمعون في محمد بن علوي بن وهيب، وهم بطن كبير من حنظلة.[3][4] وعن نسبه باختصار أنه جد أسرة آل الشيخ المشهورة وهم من آل مشرف عشيرة من المعاضيد من فخذ آل زاخر الذين هم بطن من الوهبة من بني حنظلة من قبيلة بني تميم.[5]
مولده ونشأته
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1115 هـ الموافق من عام 1703م في مدينة العيينة في نجد [6] تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين وقرأ على أبيه في الفقه،[7] وتذكر مصادر الترجمة أنه كان مشهوراً حينئذ بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام.[7] وهكذا نشأ محمد بن عبد الوهاب فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق معرفته ومكتبة جده القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وكان يجالس بعض أقاربه من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم وبيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم سيما الوافدين باعتباره بيت القاضي ولا بد أن يتخلل اجتماعاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها محمد بن عبد الوهاب.
طلبه للعلم
ينحدر محمد بن عبد الوهاب من أسرة علمية شهيرة، فأبوه الشيخ عبد الوهاب كان من الفقهاء وقاضيا في العارض وجده الشيخ سليمان كان متبحراً في علوم مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومرجعاً لعلماء نجد في زمانه تولى القضاء مع العفة والصيانة وعمه الشيخ إبراهيم وهو ممن تخرج بأبيه وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق وتولى القضاء في بلدة أشيقر. حفظ ابن عبد الوهاب القرآن العظيم ولم يتجاوز سنه عشرة أعوام وشرع في طلب العلم فقرأ على والده وعمه وتخرج بهما في الفقه وغيره وكان سريع الحفظ والكتابة قوي الإدراك كثير المطالعة شغوفا بها ولاسيما في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام. ثم رحل إلى عدد من الأمصار لطلب العلم والحديث والتفقه في الدين فرحل إلى الحجاز والبصرة والزبير والإحساء وقرأ على جملة من علمائها، وتحصل على إجازات في الحديث وغيره.[8]
فقد توجه محمد ابن عبد الوهاب للرحلة في طلب العلم فرحل إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة طلباً للعلم. ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام ثم عاد إلى نجد يدعو الناس إلى التوحيد. ولم يثبت أن محمد بن عبد الوهاب قد تجاوز الحجاز والعراق والأحساء في طلب العلم. فتفقه على المذهب الحنبلي وتلقاه على يد والده بإسناد متصل ينتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل. كما تلقى علم الحديث النبوي ومروياته الحديثية لجميع كتب السنة كالصحاح والسنن والمسانيد وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم عن شيخيه: العلامة عبد الله الفرضي الحنبلي والمحدث محمد حياة السندي وأسانيدهما مشهورة معلومة.[9] ولقد كان لعدد من العلماء السلفيين دور في تشكيل وبناء فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومنهم الشيخ محمد المجموعي وبعض علماء العراق الآخرين وقد هاجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما رآه من المعاصي هناك وعاد غاضباً. ومن علماء الإحساء كان للشيخ ابن عبد اللطيف وهو أحد علماء الإحساء الحنابلة دور في بناء فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الديني. وقد تدارس الشيخ كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم مما كان له الأثر في انطلاق فكره وحرية آرائه واجتهاده العظيم.[2]
أما ما قيل من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام وإلى فارس وإيران وقم وإصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم فهذه الأشياء غير مقبولة لأن حفيده عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف وابن بشر نصوا على أن محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر إلى الشام أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس وغيرها من البلاد فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول. قال حمد الجاسر:
«ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن محمد انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب... إلى أن قال: وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.»
وبالإجمال؛ فقد حرص مترجموا محمد على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم. وبذكر البلاد التي زارها ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب.[9] أما ما زعم أنه درس اللغتين الفارسية والتركية والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان فليس بثابت بل إنه أمر مستبعد إذ ليس في مؤلفاته وآثاره ما يدل على شيء من هذا ثم إن من ذكر ذلك عنه كان ممن انخدع بمثل كتاب لمع الشهاب.[10] وبعد مضي سنوات على رحلته عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين على العيينة أمير جديد يلقب بخرفاش بن معمر والذي لم يرق له بقاء عبد الوهاب في القضاء فعزله عنه فغادرها عبد الوهاب إلى حريملاء وأقام بها وتولى قضاءها. فأقام محمد في حريملاء مع أبيه يدرس عليه.[11]
شيوخه
وكان من شيوخه الشيخ عبد الله بن سالم البصري الشافعي، حافظ البلاد الحجازية ومسندها في وقته (ت1134 هـ). والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، من أفاضل فقهاء المدينة النبوية (ت1140هـ). والشيخ محمد حياة بن إبراهيم السندي، من كبار المحدثين في عصره (ت 1163هـ)، وهو من أخص تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الهادي السندي، صاحب الحواشي الشهيرة على المسند والكتب الستة. والشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الشامي، صاحب المصنف الشهير (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) (ت1162 هـ). والشيخ عبد الله بن فيروز الإحسائي (ت 1175هـ).[8]
تلاميذه
أخذ عن الإمام الجم الغفير من أهل الدرعية والواردين عليها، في وقت كانت فيه حاضرة من حواضر العلم في بلاد المسلمين، وممن تتلمذ على الشيخ أبناؤه: الشيخ حسين (ت1224 هـ) والشيخ عبد الله (ت1242هـ)، والشيخ علي، والشيخ إبراهيم، وحفيده المجدد الثاني للدعوة الشيخ عبد الرحمن بن حسن (1285هـ)، وممن أخذ عنه: الشيخ سعيد بن حجي (ت 1229هـ)، والشيخ عبد العزيز بن حصين (ت1237هـ ) والشيخ حمد بن معمر (ت1225هـ)، وغيرهم كثير.[8]
عقيدته
كان محمد بن عبد الوهاب عند أتباعه يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد ولذلك سمى أتباعه هذه الدعوة بالدعوة السلفية نسبة إلى السلف الصالح. وكانت جل دعوته إعادة الناس إلى تحقيق التوحيد ونبذ الشرك الذي كثر آنذاك مثل التعبد بالقبور والتقرب بالأصنام والأشخاص والبناء على القبور والتعامل بالسحر وغيرها من مظاهر والتي هي تنافي عقيدة التوحيد في دين الإسلام والتي ختمها آخر الأنبياء - محمد صلى الله عليه وسلم - وتبعه بها الخلفاء الأربعة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، ودعوة الناس لنبذ ما يخالفها من الأفكار التي كانت قد تفشت في ذلك العصر. ويرى أعداؤه ومنتقدوه أنه أنشأ طائفة أو فكرة متشددة لتفسير الإسلام، ما أدى إلى عدم التهاون مع مخالفيهم في الدين أو في المذهب، بل ضخموا المسائل الفرعية المختلفة فيها إلى درجة التكفير والتفسيق، ومن يراجع الكتب الأولى التي أرخت لحركة الشيخ الأولى يجد وكأن الشيخ هو النبي وأتباعة هم الأصحاب وأن مخالفيه هم كفار قريش، راجع على سبيل المثال كتاب ابن بشر تلميذ الشيخ عنوان المجد في تاريخ نجد.
يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا من عقيدته وليس له في ذلك مذهب خاص. وإنما أظهر ذلك في نجد وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من رفضه وعانده وقاتلهم، وكذلك هو على ما عليه من الدعوة إلى الله وإنكار الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن محمد بن عبد الوهاب وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ويلزمونهم به وينهونهم عن الباطل وينكرونه عليهم ويزجرونهم عنه حتى يتركوه.
وقد شهد له "آية الله العظمى" البرقعي[بحاجة لمصدر] حيث يقول عن حكومة الخميني:
ليعلم القارئ أن هذه الدولة جعلت الناس أعداءً لنا فإن كل من جرى على لسان كلمة لبيان العقائد الموافقة للقرآن فإن نظام الخميني يتهمه بأنه "وهابي" مع أنه لا يوجد في الدنيا مذهب اسمه "الوهابية" وإنما هم لغرض استعداء الناس وتنفيرهم. نعم من حيث العقيدة هم يسيرون على عقائد محمد بن عبد الوهاب ولكنه لم يأت بمذهب جديد وإنما هي آراء ابن تيمية وابن القيم وهذان أيضاً لم يفعلا شيئاً سوى محاربة الخرافات والبدع ودعوة الناس إلى الرجوع إلى القرآن.[12]
نضاله وجهاده
دعوة التوحيد
اتجهت دعوة بن عبد الوهاب إلى تخليص المسلمين من البدع والخرافات مثل الدعاء عند القبور والقباب والأشجار والأحجار وتجريد الدين والعبادة وتوحيد الله عز وجل وجعله خالصاً لله وحده ليس في ذلك وساطة من أحد. وقد كان كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب أحد مؤلفاته التي ساق فيه الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله. كان على بن عبد الوهاب ودعوته الإصلاحية محاربة كل هذه البدع والضلالات من خلال غزو هذا الفكر بفكر إصلاحي بناء وكان لفكر العلامة ابن تيمية دور عظيم في اتجاهات دعوة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وقد تصدى للدعوة في مطلعها أناس لهم مطامع دنيوية يحكمهم الحسد والتسلط حباً في سياسة الناس وتوجيههم. واشتد عداء خصومه لدعوته وأطلقوا اسم الوهابية أو الوهابيون على دعوته وردده الأوربيون ثم تداولته ألسنة الناس.[2]
بدأت الدعوة في لين ورفق من بن عبد الوهاب بين أتباعه ومريديه وفي بلدته العينية إلا أن الشيخ لقي معارضة شديدة وكَثر أعداء فكرهِ ممن أخذتهم العاطفة وأثارهم هدم شواخص القبور. ولكن الشيخ لم يهدأ بل استقرت العقيدة في قلبه ولن يمنعه من نشرها جور سلطان أو خلاف دنيوي مهما ابتغى من قصد أو نية. ولقد استعانت دعوة ابن عبد الوهاب بأسانيد قوية أعطتها جانباً عظيماً من المناعة والقوة الفكرية مما ساهم في انتشارها وتفوقها على امتداد أراضي الجزيرة بل وخارج نطاق جزيرة العرب.[2]
خروجه من عيينة
اُضطهِد محمد بن عبد الوهاب في بلدة العينية واضطره ضغط أعدائه ومخالفيه أن يخرج منها إلى الدرعية مقر آل سعود وهناك التقى بأمير الدرعية الشيخ محمد بن سعود فاستقبل الشيخ على الرحب والسعة وعرض الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته على الأمير محمد بن سعود فقبلها وتعاهد الشيخان على حمل الدعوة على عاتقهم والدفاع عنها والدعوة للدين الصحيح ومحاربة البدع ونشر كل ذلك في جميع أرجاء جزيرة العرب. وكان أخطر شيء في هذا الاتفاق الذي ينم عن صدقه وجده هو الاتفاق على نشر الدعوة باللسان لمن يقبلها وبالسيف لمن يرفض دعوتهم.[2]
تحالفه مع محمد بن سعود
يروي ابن بشر في تاريخه أن الشيخ أخرج من العيينة طريداً وكان سبب إخراجه من العيينة هو أن ابن معمر أمير العيينة خاف من حاكم الإحساء من أن يقطع عنه المعونة فأخرج محمد بن عبد الوهاب من العيينة. فتوجه إلى الدرعية وقد افتقد كل حظ من حظوظه الدنيوية المباحة افتقد ثقة الأمير وثقة الناس من حوله به وبما يدعو إليه وافتقد المسكن والمكانة وجميع الحظوظ النفسية والغايات الدنيوية ومشى وحيداً أعزل من أي سلاح ليس بيده إلا مروحة من خوص النخيل. لقد سار من العيينة إلى الدرعية يمشي راجلاً ليس معه أحد في غاية الحر في فصل الصيف لا يلتفت عن طريقه ويلهج بقول القرآن {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} ويلهج بالتسبيح. فلما وصل الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني، فلما دخل عليه ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال :«سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً.[13]»
ثم انتقل الشيخ إلى دار تلميذ الشيخ ابن سويلم الشيخ محمد بن سويلم العريني وهناك بدأ التزاور بين خصائص أهل العلم من الدرعية ولما اطلعوا على دعوة الشيخ أرادوا أن يشيروا على ابن سعود بنصرته فهابوه فأتوا إلى زوجته موضي بنت محمد بن عبد الله بن سويلم العريني وأخيه ثنيان فأخبروها بمكان محمد بن عبد الوهاب ووصف ما يأمر به وينهى عنه فاتبعا دعوة الشيخ وقررا نصرته.[14]
دخل محمد بن سعود على زوجته فأخبرته بمكان الشيخ وقالت له: «هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به» فقبل قولها ثم دخل على أخوه ثنيان وأخوه مشاري فأشارا عليه بمساعدته ونصرته. أراد أن يرسل إليه فقالوا:«سر إليه برجلك في مكانه وأظهر تعظيمه والاحتفال به، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه» فذهب محمد بن سعود إلى مكان الشيخ ورحب به وأبدى غاية الإكرام والتبجيل وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده. وقال له: أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعض فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك.[15]
شروط التحالف
شرط الأمير محمد بن سعود على محمد بن عبد الوهاب شرطين: أن لا يرجع عنه إن نصرهم الله ومكنهم. وأن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار. فقال محمد بن عبد الوهاب: «أما الأول الدم بالدم والهدم بالهدم. وأما الثاني فلعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج.[16]»
التطبيق
ودخلت الدعوة في إطار التنفيذ ونجحت الدعوة شيئاً فشيئاً ودخل الناس في دعوة التوحيد ودخل أتباع الشيخ مكة وأرادوا أن يخلصوا الدين من البدع فهدم أتباع الشيخ كثيراً من القباب الأثرية في مكة كقبة السيدة خديجة وقبة كانت على المكان الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وقبة مولد أبي بكر وعلي. وفي المدينة رفعوا بعض الحلي والزينة الموضوعة على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثار غضب كثير من الناس وبرر غضبهم رغبة من هؤلاء الناس في الحفاظ على معالم التاريخ ولأن قبر الرسول رمز للعاطفة الإسلامية وقوة دولة المسلمين.
ولم يهتم أتباع محمد بن عبد الوهاب بذلك بل اهتموا بعقيدتهم وإزالة البدع والرجوع إلى الأصول في دينهم. وكان الاهتمام الأكبر بأخلاق الناس وعقيدتهم والشروع في تقويتها وترسيخها وإزالة الرواسب منها. وفي وقت سيادة الدعوة بقيادة السلفيين قلت المشاكل في مجتمع الجزيرة فانعدمت السرقات وحروب الفجور وشرب الخمور. وأصبحت الطرق أكثر أمناً وأماناً بعد أن كانت مصدر متاعب للناس وحركتهم حيث السطو والسرقات قبل انتشار السلفيين ودعوتهم وأصبحت منطقة الجزيرة بمثابة منطقة جهاد بالنسبة للسلفيين مما أثار انتباه العلم الخارجي لهذه الدعوة الإسلامية الخطيرة الجديدة في ذلك الوقت.[2]
وفاته
في عام 1206 هـ الموافق 1791م توفي محمد بن عبد الوهاب في العيينة بقرب من الرياض، قال ابن غنام في الروضة (2/154): كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر. وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية (12/20)، أما ابن بشر فيقول: كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة. عنوان المجد (1/95). وقول ابن غنام أرجح لتقدمه في الزمن على ابن بشر ولمعاصرته له وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه. وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، فلم يقسم بين ورثته مال. هو انظر: روضة ابن غنام (2/155). - وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، فلم يقسم بين ورثته مال. هو انظر: روضة ابن غنام (2/155).
أولاده
لمحمد بن عبد الوهاب 6 أبناء وابنة واحدة اسمها فاطمة كانت تعد من عالمات الدين. أسماء أبنائه كما يلي:
أما عن مؤلفاته فهي كثيرة جداً نذكر بعضاً منها، فقد قام بتأليف عدد من الكتب والرسائل، منها:
1. ^ ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب وبيان فضله موقع إسلام ويب.
2. ↑ أ ب ت ث ج ح ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب بقلم عبد المنعم الهاشمي. (موقع صيد الفوائد)
3. ↑ أ ب شجرة أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب طبعة 1412هـ.
4. ^ كتاب أسر تحضرت في نجد تأليف حمد الجاسر.
5. ^ أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل الشيخ نقلاً من كتاب دفع الارتياب عن الشيخ سليمان بن عبد الوهاب تأليف الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن رشيد العوين.
6. ^ انظر: روضة الأفكار لابن غنام (1/25).
7. ↑ أ ب انظر: روضة ابن غنام (1/25) وعنوان المجد لابن بشر (1/6).
8. ↑ أ ب ت ترجمة الإمام الأوَّاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب موقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها.
9. ↑ أ ب انظر : مجلة العرب (ج 10، السنة الرابعة، ربيع الثاني عام 1390هـ، (ص 943 944).
10. ^ وقد رد على هذه الاشياء حمد الجاسر انظر: نفس المرجع السابق (ص 944).
11. ^ انظر: الدرر السنية (12/5).
12. ^ سوانح الأيام (أيام من حياتي). للبرقعي: ص 308 = باختصار
13. ^ انظر: عنوان المجد لابن بشر (1/11).
14. ^ روضة ابن غنام (1/3).
15. ^ عنوان المجد (1/11 12).
16. ^ كتاب "محمد بن عبد الوهاب عقيته السلفيه ودعوته الاصلاحيه وثناء العلماء عليه"، أمر بطباعته الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، 1395 هـ.
17. ^ كتاب شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين إعداد فهد بن ناصر بن ابرهيم السليمان
18. ^ كتاب شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين إعداد فهد بن ناصر بن ابرهيم السليمان
19. ^ كتاب شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين إعداد فهد بن ناصر بن ابرهيم السليمان
20. ^ انظر أيضاً حول مؤلفات الشيخ كتاب: محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه (ص 135-144). ونظر أيضاً كتاب : عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/ 191 235) وقد فصل في خلالها القول في هذه الكتب وتحدث أيضاً عن الكتب التي نسبت إلى الشيخ مثل كتاب: أحكام تمني الموت، وكتاب: نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين، كذلك رسالة: أوثق عرى الإيمان.
المراجع
http://www.islamspirit.com/islamspirit_program_005.php
الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان آل مشرف التميمي (1703م - 1791م) ولد محمد بن عبد الوهاب في بلدة العيينة في أسرة معروفة بالعلم والصلاح وتعلم القرآن الكريم وحفظه قبل بلوغه عشر سنين وكان حاد الفهم وقاد الذهن سريع الحفظ قرأ على أبيه الفقه ورحل إلى ما يليه من الأقطار فأتى البصرة والإحساء والحجاز وغيرها. وله مؤلفات نافعة منها كتاب التوحيد، ومختصر السيرة، وغيرهما من المؤلفات النافعة.[1]
فقد نشأ ابن عبد الوهاب في كنف العلم والقرآن الكريم في مدينة العينية وكان والده معين له في درب الثقافة والتعليم مع مطلع حياته فحفظ القرآن الكريم كعادة القوم في ذلك الزمان فتعلم بن عبد الوهاب في مسقط رأسه العينية على أيدي أئمة المسلمين من الحنابلة ففي كتاب هذه القرية حفظ القرآن قبل حلول السنة العاشرة من عمره ثم وتعلم على أيدي علماء الحرمين.[2]
النشأة
نسبه
هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبه بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعه بن أبي سود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناه التميمي. من المشارفه من المعاضيد من ال ريس من قبيلة الوهبه من بني تميم. أما والدة محمد؛ فهي بنت محمد بن عزاز بن المشرفي الوهيبي التميمي، فهي من عشيرته الأدنين، فيقال: (المشرفي) نسبة إلى جده مشرف وأسرته آل مشرف، ويقال: (الوهيبي) نسبة إلى جده وهيب جد الوهبة، والوهبة يجتمعون في محمد بن علوي بن وهيب، وهم بطن كبير من حنظلة.[3][4] وعن نسبه باختصار أنه جد أسرة آل الشيخ المشهورة وهم من آل مشرف عشيرة من المعاضيد من فخذ آل زاخر الذين هم بطن من الوهبة من بني حنظلة من قبيلة بني تميم.[5]
مولده ونشأته
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1115 هـ الموافق من عام 1703م في مدينة العيينة في نجد [6] تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين وقرأ على أبيه في الفقه،[7] وتذكر مصادر الترجمة أنه كان مشهوراً حينئذ بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام.[7] وهكذا نشأ محمد بن عبد الوهاب فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق معرفته ومكتبة جده القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وكان يجالس بعض أقاربه من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم وبيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم سيما الوافدين باعتباره بيت القاضي ولا بد أن يتخلل اجتماعاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها محمد بن عبد الوهاب.
طلبه للعلم
ينحدر محمد بن عبد الوهاب من أسرة علمية شهيرة، فأبوه الشيخ عبد الوهاب كان من الفقهاء وقاضيا في العارض وجده الشيخ سليمان كان متبحراً في علوم مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومرجعاً لعلماء نجد في زمانه تولى القضاء مع العفة والصيانة وعمه الشيخ إبراهيم وهو ممن تخرج بأبيه وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق وتولى القضاء في بلدة أشيقر. حفظ ابن عبد الوهاب القرآن العظيم ولم يتجاوز سنه عشرة أعوام وشرع في طلب العلم فقرأ على والده وعمه وتخرج بهما في الفقه وغيره وكان سريع الحفظ والكتابة قوي الإدراك كثير المطالعة شغوفا بها ولاسيما في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام. ثم رحل إلى عدد من الأمصار لطلب العلم والحديث والتفقه في الدين فرحل إلى الحجاز والبصرة والزبير والإحساء وقرأ على جملة من علمائها، وتحصل على إجازات في الحديث وغيره.[8]
فقد توجه محمد ابن عبد الوهاب للرحلة في طلب العلم فرحل إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة طلباً للعلم. ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام ثم عاد إلى نجد يدعو الناس إلى التوحيد. ولم يثبت أن محمد بن عبد الوهاب قد تجاوز الحجاز والعراق والأحساء في طلب العلم. فتفقه على المذهب الحنبلي وتلقاه على يد والده بإسناد متصل ينتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل. كما تلقى علم الحديث النبوي ومروياته الحديثية لجميع كتب السنة كالصحاح والسنن والمسانيد وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم عن شيخيه: العلامة عبد الله الفرضي الحنبلي والمحدث محمد حياة السندي وأسانيدهما مشهورة معلومة.[9] ولقد كان لعدد من العلماء السلفيين دور في تشكيل وبناء فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومنهم الشيخ محمد المجموعي وبعض علماء العراق الآخرين وقد هاجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما رآه من المعاصي هناك وعاد غاضباً. ومن علماء الإحساء كان للشيخ ابن عبد اللطيف وهو أحد علماء الإحساء الحنابلة دور في بناء فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الديني. وقد تدارس الشيخ كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم مما كان له الأثر في انطلاق فكره وحرية آرائه واجتهاده العظيم.[2]
أما ما قيل من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام وإلى فارس وإيران وقم وإصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم فهذه الأشياء غير مقبولة لأن حفيده عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف وابن بشر نصوا على أن محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر إلى الشام أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس وغيرها من البلاد فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول. قال حمد الجاسر:
«ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن محمد انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب... إلى أن قال: وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.»
وبالإجمال؛ فقد حرص مترجموا محمد على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم. وبذكر البلاد التي زارها ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب.[9] أما ما زعم أنه درس اللغتين الفارسية والتركية والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان فليس بثابت بل إنه أمر مستبعد إذ ليس في مؤلفاته وآثاره ما يدل على شيء من هذا ثم إن من ذكر ذلك عنه كان ممن انخدع بمثل كتاب لمع الشهاب.[10] وبعد مضي سنوات على رحلته عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين على العيينة أمير جديد يلقب بخرفاش بن معمر والذي لم يرق له بقاء عبد الوهاب في القضاء فعزله عنه فغادرها عبد الوهاب إلى حريملاء وأقام بها وتولى قضاءها. فأقام محمد في حريملاء مع أبيه يدرس عليه.[11]
شيوخه
وكان من شيوخه الشيخ عبد الله بن سالم البصري الشافعي، حافظ البلاد الحجازية ومسندها في وقته (ت1134 هـ). والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، من أفاضل فقهاء المدينة النبوية (ت1140هـ). والشيخ محمد حياة بن إبراهيم السندي، من كبار المحدثين في عصره (ت 1163هـ)، وهو من أخص تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الهادي السندي، صاحب الحواشي الشهيرة على المسند والكتب الستة. والشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الشامي، صاحب المصنف الشهير (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) (ت1162 هـ). والشيخ عبد الله بن فيروز الإحسائي (ت 1175هـ).[8]
تلاميذه
أخذ عن الإمام الجم الغفير من أهل الدرعية والواردين عليها، في وقت كانت فيه حاضرة من حواضر العلم في بلاد المسلمين، وممن تتلمذ على الشيخ أبناؤه: الشيخ حسين (ت1224 هـ) والشيخ عبد الله (ت1242هـ)، والشيخ علي، والشيخ إبراهيم، وحفيده المجدد الثاني للدعوة الشيخ عبد الرحمن بن حسن (1285هـ)، وممن أخذ عنه: الشيخ سعيد بن حجي (ت 1229هـ)، والشيخ عبد العزيز بن حصين (ت1237هـ ) والشيخ حمد بن معمر (ت1225هـ)، وغيرهم كثير.[8]
عقيدته
كان محمد بن عبد الوهاب عند أتباعه يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد ولذلك سمى أتباعه هذه الدعوة بالدعوة السلفية نسبة إلى السلف الصالح. وكانت جل دعوته إعادة الناس إلى تحقيق التوحيد ونبذ الشرك الذي كثر آنذاك مثل التعبد بالقبور والتقرب بالأصنام والأشخاص والبناء على القبور والتعامل بالسحر وغيرها من مظاهر والتي هي تنافي عقيدة التوحيد في دين الإسلام والتي ختمها آخر الأنبياء - محمد صلى الله عليه وسلم - وتبعه بها الخلفاء الأربعة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، ودعوة الناس لنبذ ما يخالفها من الأفكار التي كانت قد تفشت في ذلك العصر. ويرى أعداؤه ومنتقدوه أنه أنشأ طائفة أو فكرة متشددة لتفسير الإسلام، ما أدى إلى عدم التهاون مع مخالفيهم في الدين أو في المذهب، بل ضخموا المسائل الفرعية المختلفة فيها إلى درجة التكفير والتفسيق، ومن يراجع الكتب الأولى التي أرخت لحركة الشيخ الأولى يجد وكأن الشيخ هو النبي وأتباعة هم الأصحاب وأن مخالفيه هم كفار قريش، راجع على سبيل المثال كتاب ابن بشر تلميذ الشيخ عنوان المجد في تاريخ نجد.
يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا من عقيدته وليس له في ذلك مذهب خاص. وإنما أظهر ذلك في نجد وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من رفضه وعانده وقاتلهم، وكذلك هو على ما عليه من الدعوة إلى الله وإنكار الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن محمد بن عبد الوهاب وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ويلزمونهم به وينهونهم عن الباطل وينكرونه عليهم ويزجرونهم عنه حتى يتركوه.
وقد شهد له "آية الله العظمى" البرقعي[بحاجة لمصدر] حيث يقول عن حكومة الخميني:
ليعلم القارئ أن هذه الدولة جعلت الناس أعداءً لنا فإن كل من جرى على لسان كلمة لبيان العقائد الموافقة للقرآن فإن نظام الخميني يتهمه بأنه "وهابي" مع أنه لا يوجد في الدنيا مذهب اسمه "الوهابية" وإنما هم لغرض استعداء الناس وتنفيرهم. نعم من حيث العقيدة هم يسيرون على عقائد محمد بن عبد الوهاب ولكنه لم يأت بمذهب جديد وإنما هي آراء ابن تيمية وابن القيم وهذان أيضاً لم يفعلا شيئاً سوى محاربة الخرافات والبدع ودعوة الناس إلى الرجوع إلى القرآن.[12]
نضاله وجهاده
دعوة التوحيد
اتجهت دعوة بن عبد الوهاب إلى تخليص المسلمين من البدع والخرافات مثل الدعاء عند القبور والقباب والأشجار والأحجار وتجريد الدين والعبادة وتوحيد الله عز وجل وجعله خالصاً لله وحده ليس في ذلك وساطة من أحد. وقد كان كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب أحد مؤلفاته التي ساق فيه الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله. كان على بن عبد الوهاب ودعوته الإصلاحية محاربة كل هذه البدع والضلالات من خلال غزو هذا الفكر بفكر إصلاحي بناء وكان لفكر العلامة ابن تيمية دور عظيم في اتجاهات دعوة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وقد تصدى للدعوة في مطلعها أناس لهم مطامع دنيوية يحكمهم الحسد والتسلط حباً في سياسة الناس وتوجيههم. واشتد عداء خصومه لدعوته وأطلقوا اسم الوهابية أو الوهابيون على دعوته وردده الأوربيون ثم تداولته ألسنة الناس.[2]
بدأت الدعوة في لين ورفق من بن عبد الوهاب بين أتباعه ومريديه وفي بلدته العينية إلا أن الشيخ لقي معارضة شديدة وكَثر أعداء فكرهِ ممن أخذتهم العاطفة وأثارهم هدم شواخص القبور. ولكن الشيخ لم يهدأ بل استقرت العقيدة في قلبه ولن يمنعه من نشرها جور سلطان أو خلاف دنيوي مهما ابتغى من قصد أو نية. ولقد استعانت دعوة ابن عبد الوهاب بأسانيد قوية أعطتها جانباً عظيماً من المناعة والقوة الفكرية مما ساهم في انتشارها وتفوقها على امتداد أراضي الجزيرة بل وخارج نطاق جزيرة العرب.[2]
خروجه من عيينة
اُضطهِد محمد بن عبد الوهاب في بلدة العينية واضطره ضغط أعدائه ومخالفيه أن يخرج منها إلى الدرعية مقر آل سعود وهناك التقى بأمير الدرعية الشيخ محمد بن سعود فاستقبل الشيخ على الرحب والسعة وعرض الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته على الأمير محمد بن سعود فقبلها وتعاهد الشيخان على حمل الدعوة على عاتقهم والدفاع عنها والدعوة للدين الصحيح ومحاربة البدع ونشر كل ذلك في جميع أرجاء جزيرة العرب. وكان أخطر شيء في هذا الاتفاق الذي ينم عن صدقه وجده هو الاتفاق على نشر الدعوة باللسان لمن يقبلها وبالسيف لمن يرفض دعوتهم.[2]
تحالفه مع محمد بن سعود
يروي ابن بشر في تاريخه أن الشيخ أخرج من العيينة طريداً وكان سبب إخراجه من العيينة هو أن ابن معمر أمير العيينة خاف من حاكم الإحساء من أن يقطع عنه المعونة فأخرج محمد بن عبد الوهاب من العيينة. فتوجه إلى الدرعية وقد افتقد كل حظ من حظوظه الدنيوية المباحة افتقد ثقة الأمير وثقة الناس من حوله به وبما يدعو إليه وافتقد المسكن والمكانة وجميع الحظوظ النفسية والغايات الدنيوية ومشى وحيداً أعزل من أي سلاح ليس بيده إلا مروحة من خوص النخيل. لقد سار من العيينة إلى الدرعية يمشي راجلاً ليس معه أحد في غاية الحر في فصل الصيف لا يلتفت عن طريقه ويلهج بقول القرآن {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} ويلهج بالتسبيح. فلما وصل الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني، فلما دخل عليه ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال :«سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً.[13]»
ثم انتقل الشيخ إلى دار تلميذ الشيخ ابن سويلم الشيخ محمد بن سويلم العريني وهناك بدأ التزاور بين خصائص أهل العلم من الدرعية ولما اطلعوا على دعوة الشيخ أرادوا أن يشيروا على ابن سعود بنصرته فهابوه فأتوا إلى زوجته موضي بنت محمد بن عبد الله بن سويلم العريني وأخيه ثنيان فأخبروها بمكان محمد بن عبد الوهاب ووصف ما يأمر به وينهى عنه فاتبعا دعوة الشيخ وقررا نصرته.[14]
دخل محمد بن سعود على زوجته فأخبرته بمكان الشيخ وقالت له: «هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به» فقبل قولها ثم دخل على أخوه ثنيان وأخوه مشاري فأشارا عليه بمساعدته ونصرته. أراد أن يرسل إليه فقالوا:«سر إليه برجلك في مكانه وأظهر تعظيمه والاحتفال به، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه» فذهب محمد بن سعود إلى مكان الشيخ ورحب به وأبدى غاية الإكرام والتبجيل وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده. وقال له: أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعض فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك.[15]
شروط التحالف
شرط الأمير محمد بن سعود على محمد بن عبد الوهاب شرطين: أن لا يرجع عنه إن نصرهم الله ومكنهم. وأن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار. فقال محمد بن عبد الوهاب: «أما الأول الدم بالدم والهدم بالهدم. وأما الثاني فلعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج.[16]»
التطبيق
ودخلت الدعوة في إطار التنفيذ ونجحت الدعوة شيئاً فشيئاً ودخل الناس في دعوة التوحيد ودخل أتباع الشيخ مكة وأرادوا أن يخلصوا الدين من البدع فهدم أتباع الشيخ كثيراً من القباب الأثرية في مكة كقبة السيدة خديجة وقبة كانت على المكان الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وقبة مولد أبي بكر وعلي. وفي المدينة رفعوا بعض الحلي والزينة الموضوعة على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثار غضب كثير من الناس وبرر غضبهم رغبة من هؤلاء الناس في الحفاظ على معالم التاريخ ولأن قبر الرسول رمز للعاطفة الإسلامية وقوة دولة المسلمين.
ولم يهتم أتباع محمد بن عبد الوهاب بذلك بل اهتموا بعقيدتهم وإزالة البدع والرجوع إلى الأصول في دينهم. وكان الاهتمام الأكبر بأخلاق الناس وعقيدتهم والشروع في تقويتها وترسيخها وإزالة الرواسب منها. وفي وقت سيادة الدعوة بقيادة السلفيين قلت المشاكل في مجتمع الجزيرة فانعدمت السرقات وحروب الفجور وشرب الخمور. وأصبحت الطرق أكثر أمناً وأماناً بعد أن كانت مصدر متاعب للناس وحركتهم حيث السطو والسرقات قبل انتشار السلفيين ودعوتهم وأصبحت منطقة الجزيرة بمثابة منطقة جهاد بالنسبة للسلفيين مما أثار انتباه العلم الخارجي لهذه الدعوة الإسلامية الخطيرة الجديدة في ذلك الوقت.[2]
وفاته
في عام 1206 هـ الموافق 1791م توفي محمد بن عبد الوهاب في العيينة بقرب من الرياض، قال ابن غنام في الروضة (2/154): كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر. وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية (12/20)، أما ابن بشر فيقول: كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة. عنوان المجد (1/95). وقول ابن غنام أرجح لتقدمه في الزمن على ابن بشر ولمعاصرته له وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه. وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، فلم يقسم بين ورثته مال. هو انظر: روضة ابن غنام (2/155). - وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، فلم يقسم بين ورثته مال. هو انظر: روضة ابن غنام (2/155).
أولاده
لمحمد بن عبد الوهاب 6 أبناء وابنة واحدة اسمها فاطمة كانت تعد من عالمات الدين. أسماء أبنائه كما يلي:
- حسن بن محمد بن عبد الوهاب. وقد توفي في حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
- حسين بن محمد بن عبد الوهاب،.
- إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب توفي ولم يعقب.
- عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب.
- علي بن محمد بن عبد الوهاب.
- عبد العزيز بن محمد بن عبد الوهاب توفي ولم يعقب سوى ابنتين هما طرفة ونَورَة.[3]
أما عن مؤلفاته فهي كثيرة جداً نذكر بعضاً منها، فقد قام بتأليف عدد من الكتب والرسائل، منها:
- كتاب التوحيد: وهو من أشهر مؤلفاته ذكر فيه معتقده حول حقيقة التوحيد والشرك ومفاسده. اقرأه على ويكي مصدر
- كتاب كشف الشبهات: ونستطيع أن نسميه تكملة لكتاب التوحيد، والحقيقة أن جميع كتبه تتعلق بمحور واحد وهو التوحيد. اقرأه على ويكي مصدر
- كتاب ثلاثة الأصول.[17]
- كتاب الأصول الثلاثة: وهي معرفة الرب، ومعرفة دين الإسلام، ومعرفة الرسول. اقرأه على ويكي مصدر
- كتاب مختصر الإنصاف و الشرح الكبير..[18]
- كتاب مختصر زاد المعاد..[19]
- كتاب القواعد الأربع: حيث ذكر في هذه الرسالة اعتقاده في بعض مسائل التوحيد. اقرأه على ويكي مصدر
- كتاب أصول الإيمان : وبين أبواب مختلفة من الإيمان بالأحاديث النبوية. ويظهر أن بعض أولاد الشيخ قد أضاف إليه. اقرأه على ويكي مصدر
- كتاب مسائل الجاهلية: وذكر فيه مئة وإحدى وثلاثين مسألة خالف الرسول صلى الله عليه وسلم فيها معتقدات أهل الجاهلية. اقرأه على ويكي مصدر
- كتاب شروط الصلاة وأركانها: وقد شرحت هذه الرسالة شروط الصلاة وهي: الإسلام، والعقل، التميز، رفع الحدث وإزالة النجاسة، وستر العورة ودخول الوقت واستقبال القبلة، والنية، وذكرت أركان الصلاة وواجباتها.
- كتاب الكبائر: ذكر فيه جميع أقسام الكبائر، واحدة واحدة، مفصلة في أبواب، وقد دعمت الأبواب كلها بنصوص الكتاب والسنة.
- كتاب نصيحة المسلمين: وهذا كتاب مستقل قد جمع فيه أحاديث تتعلق بجميع نواحي التعليمات الإسلامية.
- كتاب تفسير الفاتحة: وهو تفسير موجز جداً لسورة الفاتحة.
- كتاب تفسير الشهادة: وهو تفسير لكلمة "لا إله إلا الله"، مع ذكر أهمية التوحيد.
- كتاب تفسير لبعض سور القرآن: وهي مجموعة لبعض تعليقاته على آيات وسور مختلفة من القرآن.
- كتاب ستة مواضع من السيرة: وهي رسالة مختصرة توضح ستة أحداث من السيرة النبوية، والمواضع الستة هي:ابتداء نزول الوحي, تعليم التوحيد والرد على الكفار, قصة تلك الغرانيق العلى, ختام أبي طالب, منافع الهجرة وعظاتها, قصة الارتداد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. وله عدة رسائل صغيرة أخرى يوجد بعضها في كتاب روضة الأفكار المجلد الأول الفصل الثالث والرابع.[20]
1. ^ ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب وبيان فضله موقع إسلام ويب.
2. ↑ أ ب ت ث ج ح ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب بقلم عبد المنعم الهاشمي. (موقع صيد الفوائد)
3. ↑ أ ب شجرة أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب طبعة 1412هـ.
4. ^ كتاب أسر تحضرت في نجد تأليف حمد الجاسر.
5. ^ أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل الشيخ نقلاً من كتاب دفع الارتياب عن الشيخ سليمان بن عبد الوهاب تأليف الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن رشيد العوين.
6. ^ انظر: روضة الأفكار لابن غنام (1/25).
7. ↑ أ ب انظر: روضة ابن غنام (1/25) وعنوان المجد لابن بشر (1/6).
8. ↑ أ ب ت ترجمة الإمام الأوَّاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب موقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها.
9. ↑ أ ب انظر : مجلة العرب (ج 10، السنة الرابعة، ربيع الثاني عام 1390هـ، (ص 943 944).
10. ^ وقد رد على هذه الاشياء حمد الجاسر انظر: نفس المرجع السابق (ص 944).
11. ^ انظر: الدرر السنية (12/5).
12. ^ سوانح الأيام (أيام من حياتي). للبرقعي: ص 308 = باختصار
13. ^ انظر: عنوان المجد لابن بشر (1/11).
14. ^ روضة ابن غنام (1/3).
15. ^ عنوان المجد (1/11 12).
16. ^ كتاب "محمد بن عبد الوهاب عقيته السلفيه ودعوته الاصلاحيه وثناء العلماء عليه"، أمر بطباعته الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، 1395 هـ.
17. ^ كتاب شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين إعداد فهد بن ناصر بن ابرهيم السليمان
18. ^ كتاب شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين إعداد فهد بن ناصر بن ابرهيم السليمان
19. ^ كتاب شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين إعداد فهد بن ناصر بن ابرهيم السليمان
20. ^ انظر أيضاً حول مؤلفات الشيخ كتاب: محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه (ص 135-144). ونظر أيضاً كتاب : عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/ 191 235) وقد فصل في خلالها القول في هذه الكتب وتحدث أيضاً عن الكتب التي نسبت إلى الشيخ مثل كتاب: أحكام تمني الموت، وكتاب: نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين، كذلك رسالة: أوثق عرى الإيمان.
المراجع
- حياة محمد بن عبد الوهاب وحقيقة دعوته، تأليف الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الحقيل ,الطبعة الأولى، 1999م
- محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه، الأستاذ مسعود الندوي، ترجمة وتعليق عبد العليم عبد العظيم البستوي، مراجعة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي، 1420 هجري
- تاريخ العرب الحديث والمعاصر، دكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، الطبعة الخامسة 1990م.
- محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفيه ودعوته الإصلاحيه وثناء العلماء عليه، أمر بطباعة الكتاب الملك فيصل آل سعود، 1395 هـ.
- العبد اللطيف، عبد العزيز بن محمد بن علي (1989). دعاوى المناوئين لدعوة محمد بن عبد الوهاب: عرض ونقض. جدة: دار طيبة
http://www.islamspirit.com/islamspirit_program_005.php