عشرون سببا على الأقل للتحرر من كامب ديفيد
لماذا نريد أن نتحرر من كامب ديفيد ؟
للإجابة على هذا السؤال أقدم فيما يلي أهم أسبابنا الموضوعية ، أصيغها صياغة مختصرة ، في نقاط محددة ، أتصور أن كل منها يمكن أن يمثل رأس موضوع على مائدة الحوار الوطني المستهدف :
• لأن التدابير الأمنية الواردة في الملحق الأول من الاتفاقية تقيد قدرة مصر العسكرية في الدفاع عن سيناء في حالة تعرضها لأي عدوان إسرائيلي جديد . وهو ما يمثل وسيلة ضغط رادعة ومستمرة ( وأن كانت غير منظورة للرأي العام الشعبي ) على أي حكومة مصرية.
• لأن القوات الموجودة في سيناء لمراقبة التزام مصر بالتدابير المذكورة هي قوات متعددة الجنسية تحت قيادة أمريكية وليست قوات للأمم المتحدة.
• لأن الفقرة الخامسة من المادة السادسة من الاتفاقية تعطى للاتفاقية الأولوية على أي اتفاقيات أخرى بما فيها اتفاقية الدفاع العربي المشترك وهو ما يجرد مصر من القدرة على دعم الأقطار العربية التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي
• لأن الفقرة الرابعة من المادة السادسة من الاتفاقية تحرم على مصر الدخول في اتفاقيات أخرى تتناقض مع هذه الاتفاقية . وهو ما يحد من حرية مصر مستقبلا في صياغة علاقات عربية أو إقليمية أو دولية جديدة قد ترتئيها تحقيقا لمصالحها
• لأن الفقرة الثانية من المادة الثالثة تلزم مصر بتقديم كل من ينتقد إسرائيل إلى المحاكمة
• لأنه يوم 25 مارس 1979 قبل يوم واحد من توقيع الاتفاقية المصرية الإسرائيلية ، قامت الولايات المتحدة بعقد تحالف مع إسرائيل ضد مصر بموجب وثيقة أطلق عليها " مذكرة التفاهم الأمريكية الإسرائيلية " . ومنذئذ والخطاب الرسمي السائد يبرر علاقته الخاصة بأمريكا بأنها الخيار الوحيد الممكن سياسيا في ظل تهديد أمريكي علني أو ضمني بردع مصر أن هي تراجعت عن اتفاق أو نهج كامب ديفيد.
• لأن الاتفاقية غير دستورية فهي تخالف الدستور في عدة مواد أهمها المادة الأولى من الدستور التي تنص في فقرتها الثانية على أن " الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة " وهو ما يتناقض مع ما تضمنته الاتفاقية من الاعتراف بدولة إسرائيل ومن ثم بمشروعية الاغتصاب الصهيوني لفلسطين . والاتفاقية غير دستورية أيضا حيث تم الاستفتاء عليها بقرار باطل هو القرار رقم 157 لسنة 1979 الذي دعا الناخبين إلى الاستفتاء على 15 موضوع مختلف في استفتاء واحد وهو ما لا يجوز. ناهيك عن ما يتم في استفتاءاتنا من تجاوزات إجرائية.
• ولأن الاتفاقية باطلة طبقا لقواعد القانون الدولي لعدة أسباب أهمها مخالفتها للمادة رقم 52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي تنص على أن " تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا إذا تم إبرامها نتيجة تهديد باستعمال القوة أو استخدامها بالمخالفة لمبادىء القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ".. وهو ما ينطبق على حالتنا حيث كانت الأراضي المصرية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي أثناء المفاوضات . هذا بالإضافة إلى تدخل أمريكا إلى جانب إسرائيل في حرب 1973 مما دفع الرئيس السادات إلى طلب وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقية فض الاشتباك الأول عام 1974 تحت ضغط وتهديد هنري كيسنجر. (كما صرح السادات نفسه فيما بعد) وما ترتب عليها من سحب وإعادة أكثر من 90 % من قواتنا إلى غرب القناة بعد أن نجحت خلال الأيام الأولى من حرب أكتوبر في العبور إلى سيناء في شرق القناة. ثم ما ترتب عليها لاحقا من اتفاقية فض الاشتباك الثاني 1975 ، ثم كامب ديفيد 1978 ، وأخيرا اتفاقية السلام 1979. وهو ما تم جميعه تحت تهديد أمريكي علني أو مستتر بالتدخل لصالح إسرائيل ، ومثل ضغطا على المفاوض المصري حينذاك جعله يقدم التنازلات المشار إليها عاليه.
• ولأن من آثار الاتفاقية على المستوى الداخلي تفكيك الاقتصاد المخطط ، تحت قيادة القطاع العام ، لتجريده من القدرة على دعم المجهود الحربي . وخلق اقتصاد سوق تابع لأمريكا تحت توجيه وإشراف ورقابة الفيلق الاقتصادي الدولي "الصندوق " و البنك "وهو ما أدى فعليا إلى تراجع حركة التنمية الوطنية في مصر وانسحاب الدولة من التصدي لسد الاحتياجات الأساسية للمواطن مما أنعكس على حياة الناس اليومية
• ولأن من آثارها على المستوى السياسي إعطاء شرعية العمل السياسي فقط للقوى التي ترضى التعايش مع المشروع الصهيوني وعلى رأسها الحزب الوطني وحرمان كل القوى المعادية لهذا المشروع من التمثيل الشرعي أو حصارها داخل مؤسسات شرعية شكلية تحول بينها وبين التواصل مع الجماهير على مشروعها الوطني البديل
• ولأن من آثارها كذلك خلق وصناعة قوى اجتماعية اقتصادية ( طبقة ) حليفة لأمريكا تتبنى الدفاع عن عصر كامب ديفيد بحكم المصالح والبزنس المشترك تسلمت قيادة المجتمع واحتكرت ثرواته والتشريع له وتحالفت مع السلطة التنفيذية.
• ولأن من آثارها أيضا صناعة خطاب ثقافي تضليلي يتبنى الاتفاقية ويروج لها و يدافع عن العلاقات مع أمريكا ويهاجم انتماء مصر العربي والإسلامي . يديره نخبة من المثقفين تحتكر المؤسسات البحثية الحكومية والصحف القومية وأجهزة الإعلام الرسمية مع استبعاد معظم العناصر الوطنية منها.
• وأيضا لأن الاتفاقية أدخلت أمريكا بمعونتها وخبرائها وأجندتها إلى أعماق المجتمع المصري تراقبه و ترصده وتحلله وتوجهه وتستقطب منه الكوادر وتفرخ فيه مؤسسات خادمة لتفعيل مشروعها في مصر وكل ذلك تحت سمع وبصر الجميع في إطار الشرعية السائدة الآن ( شرعية عالم كامب ديفيد )
• ولأن الاتفاقية بما تضمنته من اعتراف مصر بإسرائيل أعطت مشروعية للاغتصاب الصهيوني لفلسطين من قبل اكبر دولة عربية في سابقة هي الأولى من نوعها في الوطن العربي . أدى فيما بعد إلى تخفيض كبير في سقف المطالب الفلسطينية والعربية فقد توالت بعدها الاعترافات والمبادرات والتنازلات عن الحق العربي التاريخي في الأرض المحتلة لتنتهي إلى قبول أجزاء من الأرض منزوعة السيادة في أوسلو ثم خريطة الطريق والتي رغم تواضعها لا تجد من ينفذها حتى الآن ولن تجد.
• ولأن الاتفاقية أخرجت مصر بثقلها التاريخي من الصراع ضد المشروع الصهيوني مما أدى إلى خلل كبير في ميزان القوى ، وأسفر في النهاية إلى تصفية قوى المقاومة الفلسطينية في الخارج وحصارها في الداخل ، كما أدى إلى عجز قوى المقاومة العربية. وعربدة إسرائيل اللانهائية في المنطقة وإعادة ترتيبها كما تشاء وكسب نقاط قوة كثيرة ستنعكس على الجميع بما فيهم مصر في المستقبل المنظور.
• وأيضا لأن الاتفاقية أخرجت مصر بثقلها التاريخي من الصراع ضد المشروع الأمريكي في المنطقة مما ساعد مع عوامل أخرى على احتلال العراق والسعي إلى تقسيمها وإلى العمل على تقسيم السودان وإلى حصار سوريا ولبنان وأصبحت للولايات المتحدة اليد العليا في كل ما يحدث في امتنا العربية في اتجاه مشروع تفتيت جديد للمنطقة سينال مصر عاجلا أم آجلا.
• ولأن اعتراف مصر بإسرائيل أدى إلى رفع المقاطعة الدولية عنها التي كأن ينتهجها عدد كبير من الدول الصديقة لمصر وللعرب وهو ما أدى إلى تحرر إسرائيل من حصار دولي خانق ، مما أسفر عنه بث دماء جديدة في الاقتصاد الإسرائيلي وإطالة عمر المشروع الصهيوني ودعم الدولة المغتصبة مما يصعب من مهمات مواجهتها في المستقبل المنظور أو حتى البعيد.
• ولأن الاتفاقية ساعدت على انقسام الواقع العربي عندما ضربت قضية العرب المركزية ( قضية فلسطين) في مقتل ، تلك القضية التي كانت تجمع وتوحد الدول العربية على اختلاف نظمها وتوجهاتها ، و تلك الوحدة التي تجلت في مؤتمر الخرطوم 1967 ثم في حرب أكتوبر 1973 . والتي اختفت بعد كامب ديفيد فساد الصراع والانقسام العربي منذ ذلك الحين.
• ولأن الاتفاقية أعطت ضوء اخضر لكل القوى الطائفية في الوطن العربي ، أن كرروا نموذج إسرائيل واصنعوا دويلاتكم الطائفية على النموذج الصهيوني فلقد نجحت إسرائيل في انتزاع اعتراف محيطها العربي بشرعيتها . ومن اعترف بها سيعترف بكم ولو بعد حين . ومنذ ذلك الوقت بدأ الخطاب الطائفي يتنامى في المنطقة ورأينا الحروب الأهلية في لبنان وفي السودان و في العراق والبقية تأتى.
• ولأن الاتفاقية تناقض مجموعة المبادئ والثوابت الوطنية المستقرة لدى الجماهير في مصر على امتداد عدة أجيال فلقد أدت إلى انهيار في روح الانتماء الوطني لدى عامة الناس ، وأدت إلى غياب اليقين في أي خطاب أو مشروع أو شعار سياسي . ففقدت كل الأمور العامة مصداقيتها . وكرد فعل لذلك اتجه الوعي الشعبي إلى الحلول الفردية أو إلى اليقين الديني الذي أصبح الملاذ الأخير للدفاع عن الهوية والانتماء
• وأخيرا وليس آخرا أدت كامب ديفيد وما بعدها إلى شق الصف الوطني داخل مصر . وضربت الوحدة الوطنية بمعناها العام في الصميم فقد رأت القوى الوطنية فيما حدث ويحدث انتهاك شديد للشرعية الوطنية ، التي لم تعد ممثلة في الشرعية القانونية (السلطة) . وكرد فعل على ذلك أصبح لكل طرف مرجعياته الشرعية المختلفة مما ترتب عليه آثارا خطيرة على مدى الثلاثون عاما السابقة وهو ما يزال يهدد المجتمع بمزيد من الانقسام والتفتت فيما لو لم ننجح في تدارك اصل المشكلة والتصدي لها .
لكل ما سبق فأننا نوجه دعوة صادقة إلى كل الأطراف الوطنية في مصر إلى حوار موضوعي واسع حول كيفية التحرر من كامب ديفيد ومن العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية .
للإجابة على هذا السؤال أقدم فيما يلي أهم أسبابنا الموضوعية ، أصيغها صياغة مختصرة ، في نقاط محددة ، أتصور أن كل منها يمكن أن يمثل رأس موضوع على مائدة الحوار الوطني المستهدف :
• لأن التدابير الأمنية الواردة في الملحق الأول من الاتفاقية تقيد قدرة مصر العسكرية في الدفاع عن سيناء في حالة تعرضها لأي عدوان إسرائيلي جديد . وهو ما يمثل وسيلة ضغط رادعة ومستمرة ( وأن كانت غير منظورة للرأي العام الشعبي ) على أي حكومة مصرية.
• لأن القوات الموجودة في سيناء لمراقبة التزام مصر بالتدابير المذكورة هي قوات متعددة الجنسية تحت قيادة أمريكية وليست قوات للأمم المتحدة.
• لأن الفقرة الخامسة من المادة السادسة من الاتفاقية تعطى للاتفاقية الأولوية على أي اتفاقيات أخرى بما فيها اتفاقية الدفاع العربي المشترك وهو ما يجرد مصر من القدرة على دعم الأقطار العربية التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي
• لأن الفقرة الرابعة من المادة السادسة من الاتفاقية تحرم على مصر الدخول في اتفاقيات أخرى تتناقض مع هذه الاتفاقية . وهو ما يحد من حرية مصر مستقبلا في صياغة علاقات عربية أو إقليمية أو دولية جديدة قد ترتئيها تحقيقا لمصالحها
• لأن الفقرة الثانية من المادة الثالثة تلزم مصر بتقديم كل من ينتقد إسرائيل إلى المحاكمة
• لأنه يوم 25 مارس 1979 قبل يوم واحد من توقيع الاتفاقية المصرية الإسرائيلية ، قامت الولايات المتحدة بعقد تحالف مع إسرائيل ضد مصر بموجب وثيقة أطلق عليها " مذكرة التفاهم الأمريكية الإسرائيلية " . ومنذئذ والخطاب الرسمي السائد يبرر علاقته الخاصة بأمريكا بأنها الخيار الوحيد الممكن سياسيا في ظل تهديد أمريكي علني أو ضمني بردع مصر أن هي تراجعت عن اتفاق أو نهج كامب ديفيد.
• لأن الاتفاقية غير دستورية فهي تخالف الدستور في عدة مواد أهمها المادة الأولى من الدستور التي تنص في فقرتها الثانية على أن " الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة " وهو ما يتناقض مع ما تضمنته الاتفاقية من الاعتراف بدولة إسرائيل ومن ثم بمشروعية الاغتصاب الصهيوني لفلسطين . والاتفاقية غير دستورية أيضا حيث تم الاستفتاء عليها بقرار باطل هو القرار رقم 157 لسنة 1979 الذي دعا الناخبين إلى الاستفتاء على 15 موضوع مختلف في استفتاء واحد وهو ما لا يجوز. ناهيك عن ما يتم في استفتاءاتنا من تجاوزات إجرائية.
• ولأن الاتفاقية باطلة طبقا لقواعد القانون الدولي لعدة أسباب أهمها مخالفتها للمادة رقم 52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي تنص على أن " تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا إذا تم إبرامها نتيجة تهديد باستعمال القوة أو استخدامها بالمخالفة لمبادىء القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ".. وهو ما ينطبق على حالتنا حيث كانت الأراضي المصرية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي أثناء المفاوضات . هذا بالإضافة إلى تدخل أمريكا إلى جانب إسرائيل في حرب 1973 مما دفع الرئيس السادات إلى طلب وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقية فض الاشتباك الأول عام 1974 تحت ضغط وتهديد هنري كيسنجر. (كما صرح السادات نفسه فيما بعد) وما ترتب عليها من سحب وإعادة أكثر من 90 % من قواتنا إلى غرب القناة بعد أن نجحت خلال الأيام الأولى من حرب أكتوبر في العبور إلى سيناء في شرق القناة. ثم ما ترتب عليها لاحقا من اتفاقية فض الاشتباك الثاني 1975 ، ثم كامب ديفيد 1978 ، وأخيرا اتفاقية السلام 1979. وهو ما تم جميعه تحت تهديد أمريكي علني أو مستتر بالتدخل لصالح إسرائيل ، ومثل ضغطا على المفاوض المصري حينذاك جعله يقدم التنازلات المشار إليها عاليه.
• ولأن من آثار الاتفاقية على المستوى الداخلي تفكيك الاقتصاد المخطط ، تحت قيادة القطاع العام ، لتجريده من القدرة على دعم المجهود الحربي . وخلق اقتصاد سوق تابع لأمريكا تحت توجيه وإشراف ورقابة الفيلق الاقتصادي الدولي "الصندوق " و البنك "وهو ما أدى فعليا إلى تراجع حركة التنمية الوطنية في مصر وانسحاب الدولة من التصدي لسد الاحتياجات الأساسية للمواطن مما أنعكس على حياة الناس اليومية
• ولأن من آثارها على المستوى السياسي إعطاء شرعية العمل السياسي فقط للقوى التي ترضى التعايش مع المشروع الصهيوني وعلى رأسها الحزب الوطني وحرمان كل القوى المعادية لهذا المشروع من التمثيل الشرعي أو حصارها داخل مؤسسات شرعية شكلية تحول بينها وبين التواصل مع الجماهير على مشروعها الوطني البديل
• ولأن من آثارها كذلك خلق وصناعة قوى اجتماعية اقتصادية ( طبقة ) حليفة لأمريكا تتبنى الدفاع عن عصر كامب ديفيد بحكم المصالح والبزنس المشترك تسلمت قيادة المجتمع واحتكرت ثرواته والتشريع له وتحالفت مع السلطة التنفيذية.
• ولأن من آثارها أيضا صناعة خطاب ثقافي تضليلي يتبنى الاتفاقية ويروج لها و يدافع عن العلاقات مع أمريكا ويهاجم انتماء مصر العربي والإسلامي . يديره نخبة من المثقفين تحتكر المؤسسات البحثية الحكومية والصحف القومية وأجهزة الإعلام الرسمية مع استبعاد معظم العناصر الوطنية منها.
• وأيضا لأن الاتفاقية أدخلت أمريكا بمعونتها وخبرائها وأجندتها إلى أعماق المجتمع المصري تراقبه و ترصده وتحلله وتوجهه وتستقطب منه الكوادر وتفرخ فيه مؤسسات خادمة لتفعيل مشروعها في مصر وكل ذلك تحت سمع وبصر الجميع في إطار الشرعية السائدة الآن ( شرعية عالم كامب ديفيد )
• ولأن الاتفاقية بما تضمنته من اعتراف مصر بإسرائيل أعطت مشروعية للاغتصاب الصهيوني لفلسطين من قبل اكبر دولة عربية في سابقة هي الأولى من نوعها في الوطن العربي . أدى فيما بعد إلى تخفيض كبير في سقف المطالب الفلسطينية والعربية فقد توالت بعدها الاعترافات والمبادرات والتنازلات عن الحق العربي التاريخي في الأرض المحتلة لتنتهي إلى قبول أجزاء من الأرض منزوعة السيادة في أوسلو ثم خريطة الطريق والتي رغم تواضعها لا تجد من ينفذها حتى الآن ولن تجد.
• ولأن الاتفاقية أخرجت مصر بثقلها التاريخي من الصراع ضد المشروع الصهيوني مما أدى إلى خلل كبير في ميزان القوى ، وأسفر في النهاية إلى تصفية قوى المقاومة الفلسطينية في الخارج وحصارها في الداخل ، كما أدى إلى عجز قوى المقاومة العربية. وعربدة إسرائيل اللانهائية في المنطقة وإعادة ترتيبها كما تشاء وكسب نقاط قوة كثيرة ستنعكس على الجميع بما فيهم مصر في المستقبل المنظور.
• وأيضا لأن الاتفاقية أخرجت مصر بثقلها التاريخي من الصراع ضد المشروع الأمريكي في المنطقة مما ساعد مع عوامل أخرى على احتلال العراق والسعي إلى تقسيمها وإلى العمل على تقسيم السودان وإلى حصار سوريا ولبنان وأصبحت للولايات المتحدة اليد العليا في كل ما يحدث في امتنا العربية في اتجاه مشروع تفتيت جديد للمنطقة سينال مصر عاجلا أم آجلا.
• ولأن اعتراف مصر بإسرائيل أدى إلى رفع المقاطعة الدولية عنها التي كأن ينتهجها عدد كبير من الدول الصديقة لمصر وللعرب وهو ما أدى إلى تحرر إسرائيل من حصار دولي خانق ، مما أسفر عنه بث دماء جديدة في الاقتصاد الإسرائيلي وإطالة عمر المشروع الصهيوني ودعم الدولة المغتصبة مما يصعب من مهمات مواجهتها في المستقبل المنظور أو حتى البعيد.
• ولأن الاتفاقية ساعدت على انقسام الواقع العربي عندما ضربت قضية العرب المركزية ( قضية فلسطين) في مقتل ، تلك القضية التي كانت تجمع وتوحد الدول العربية على اختلاف نظمها وتوجهاتها ، و تلك الوحدة التي تجلت في مؤتمر الخرطوم 1967 ثم في حرب أكتوبر 1973 . والتي اختفت بعد كامب ديفيد فساد الصراع والانقسام العربي منذ ذلك الحين.
• ولأن الاتفاقية أعطت ضوء اخضر لكل القوى الطائفية في الوطن العربي ، أن كرروا نموذج إسرائيل واصنعوا دويلاتكم الطائفية على النموذج الصهيوني فلقد نجحت إسرائيل في انتزاع اعتراف محيطها العربي بشرعيتها . ومن اعترف بها سيعترف بكم ولو بعد حين . ومنذ ذلك الوقت بدأ الخطاب الطائفي يتنامى في المنطقة ورأينا الحروب الأهلية في لبنان وفي السودان و في العراق والبقية تأتى.
• ولأن الاتفاقية تناقض مجموعة المبادئ والثوابت الوطنية المستقرة لدى الجماهير في مصر على امتداد عدة أجيال فلقد أدت إلى انهيار في روح الانتماء الوطني لدى عامة الناس ، وأدت إلى غياب اليقين في أي خطاب أو مشروع أو شعار سياسي . ففقدت كل الأمور العامة مصداقيتها . وكرد فعل لذلك اتجه الوعي الشعبي إلى الحلول الفردية أو إلى اليقين الديني الذي أصبح الملاذ الأخير للدفاع عن الهوية والانتماء
• وأخيرا وليس آخرا أدت كامب ديفيد وما بعدها إلى شق الصف الوطني داخل مصر . وضربت الوحدة الوطنية بمعناها العام في الصميم فقد رأت القوى الوطنية فيما حدث ويحدث انتهاك شديد للشرعية الوطنية ، التي لم تعد ممثلة في الشرعية القانونية (السلطة) . وكرد فعل على ذلك أصبح لكل طرف مرجعياته الشرعية المختلفة مما ترتب عليه آثارا خطيرة على مدى الثلاثون عاما السابقة وهو ما يزال يهدد المجتمع بمزيد من الانقسام والتفتت فيما لو لم ننجح في تدارك اصل المشكلة والتصدي لها .
لكل ما سبق فأننا نوجه دعوة صادقة إلى كل الأطراف الوطنية في مصر إلى حوار موضوعي واسع حول كيفية التحرر من كامب ديفيد ومن العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية .